يلـآ نبدآ ^^ ~>
المقدمه::
بسم الله الرحمن الرحيم..، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
إن الله سبحانه – يصطفي من عباده ما يشاء ويختار، وقد اختار الله لإنقاذ البشرية خليله وحبيبه محمداً (صلى الله عليه وسلم) ، وقد تم اختيار الله لمحمد من قبل خلق آدم، ولكن الله أظهر للوجود ، وجعله خاتم رسله وأنبيائه فلا نبي بعده.
ففي بحثي هذا سوف أتحدث عن حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، وسوف يحمل بحثي هذا على ثلاثة فصول..، وهي كالتالي:
الفصل الأول بعنوان (زوجات الرسول وأبنائه) سوف يشمل على:
* النسب الشريف للنبي (صلى الله عليه وسلم.
* نشأته.
* وصفه.
* زوجات النبي وأبنائه.
الفصل الثاني بعنوان( الإسلام في حياة الرسول).. وسوف يشمل على:
* غار حراء.
* الوحي.
* مراحل الدعوة الإسلامية في حياة النبي
* أول الناس اسلاما.
*الاضطهادات والمقاطعه
الفصل الثالث والأخير وهو بعنوان( الأحداث التي مر بها الرسول بحياته)
*الاسراء والمعراج
* الهجره
*حجة الوداع وخطبة الوداع
* وفاته
الفصل الاول
(زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم وأبناءه)
* النسب الشريف للنبي (صلى الله عليه وسلم.
* نشأته.
* وصفه.
* زوجات النبي وأبنائه
…..
الموضوع::
النسب الشريف للنبي (صلى الله عليه وسلم) :
(قال الامام البخاري -رحمه الله- " هو أبو القاسم محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضؤ بن نزار بن معد بن عدنان"
قال بن حزم: وعدنان بلا شك من ولد اسماعيل الذبيح رسول الله بن إبراهيم خليل الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم) على سيدنا محمد وعليهما وعلى جميع رسله وأنبيائه.)*1
نشأته:
ولد في مكة في شعب بني هاشم بطن من قريش وأمه هي آمنة بنت وهب في ربيع الأول من عام الفيل (الذي يُعتقد أنه يصادف 570 م بالرغم من أن بعض الدارسين الحديثين يقدرون ذلك باختلاف سنة أو سنتين، أي 568 أو 569 ، ويُعتقد أن ميلاد النبي محمد صادف يوم 20 أبريل من تلك السنة.
توفي والده عبد الله قبل ولادته بقليل، واختار له جده عبد المطلب اسم محمد ثم عرض على مرضعات بني سعد بن بكر، فرفضنه ليتمه وخوفا من قلة ما يعود عليهم من أهله، فأخذته حليمة السعدية كونها لم تجد غيره، وقد عاش في بني سعد سنتين وعادت به حليمة إلى أمه لتقنعها بتمديد حضانته. وهو ما حدث إلا أنه وفي سن الرابعة حدث له بما يعرف بـحادثة شق الصدر فخشيت عليه حليمة بعد هذه الواقعة فردته إلى أمه التي طمأنتها بألا تخاف عليه، ويروى أن حليمة أضاعته في نفر في مكة وهي في طريقها إلى أهله ووجده ورقة بن نوفل وأعاده. ولما بلغ ست سنين أخذته أمه إلى أخواله من بني عدي بن النجار تزيره إياهم، وبينما هم عائدون لحقها المرض وتوفيت بالأبواء بين مكة والمدينة، وانتقل محمد ليعيش مع جده عبد المطلب، ولما بلغ ثماني سنوات توفى جده عبد المطلب بمكة ورأى قبل وفاته أن يعهد بكفالة حفيده إلى عمه أبو طالب شقيق أبيه.
حياته قبل البعثة:
كان في بداية شبابه يرعى الغنم في بني سعد، وفي مكة لأهلها على قراريط ثم سافر وعمره 9 سنوات -حسب رواية ابن هشام- مع عمه إلى الشام في التجارة، إلا أنه لم يكمل طريقه وعاد مع عمه فورا إلى مكة بعد أن لقي الراهب بحيرى في بصرى بالشام الذي أخبره أن هذا الغلام سيكون له شأن عظيم ويخشى عليه من اليهود.
لقب بمكة بالصادق الأمين ، فكان الناس يودعونه أماناتهم لما اشتهر به من أمانة. لما بنت قريش الكعبة واختلفوا فيمن يضع الحجر الأسود في موضعه، فاتفقوا على أن يضعه أول شخص يدخل عليهم فلما دخل عليهم محمد قالوا جاء الأمين فرضوا به فأمر بثوب فوضع الحجر في وسطه وأمر كل قبيلة أن ترفع بجانب من جوانب الثوب ثم أخذ الحجر فوضعه موضعه.
بلغ خديجة بنت خويلد، و هي امرأة تاجرة ذات شرف ومال عن محمد ما بلغها من أمانته، فبعثت إليه عارضة عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام، وأعطته أفضل ما أعطت غيره من التجار، كما وهبته غلاما يدعى ميسرة، خرج محمد مع ميسرة حتى قدم الشام، فاشترى البضائع ولما عاد لمكة باع بضاعته فربح الضعف تقريبا.
وصف الحبيب (صلى الله عليه وسلم):
أعظم وصف وصفت به الخلقة والشكل العام لسيدنا الحبيب هو وصف هند بن أبى هالة ابن السيدة خديجة من زوجها الأول وهند هذا أخو السيدة فاطمة من أمها السيدة خديجة رضي الله عنهم جميعا ففي يوم قال الحسن بن على رضي الله عنهما صف لي الرسول صلى الله عليه وسلم يا خالي فكان وصف هند هو:
* كان صلى الله عليه وسلم فخما فخيما (أي له هيبة) يتلألأ وجه تلألؤ القمر في ليلة التمام.
* أطول من المربوع وأقصر من المشذب (اى متوسد الطول – ورغم ذلك كان صلى الله عليه وسلم إذا صار معه أحدا أطول منه رأى الرآى أن الرسول أطول).
* عظيم الهامة (أى مرفوع الرأس).
* رَجِل الشعر إن انفرقت عقيقته فرقها (أى شعره صلى الله عليه وسلم مسترسل ناعم ولو ظل بدون عمامته لنزل شعره على وجهه الشريف).
*( أسود الشعر (وفى إحدى المرات كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يساوى لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم شعره فأبطأ ثم قال لرسول الله عددت لك سبعة عشر شعره قد شابت يا رسول الله فاستغرب أبو بكر من ذلك فكيف يشيب الرسول صلي الله عليه وسلم ولا يزال عمره في ذلك الحين اثنين وأربعين عاما – وكان العرب في ذلك الزمان لم يشيبوا إلا بعد السبعين أو الثمانين – فما الذي عجل بشيبه إذن فقال صلى الله عليه وسلم شيبتنى هود وأخواتها مثل سورة التكوير والانفطار والنبأ ومشابهه من هذه السور التي تتحدث عن يوم القيامة وما فيها من رعب ومصارع (هلاك) السابقين من الأقوام وظلت السبعة عشر شعره هذه إلى أن انتقل صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى.) *1
* يجاوز شعره شحمه أذنه إذا وفره (اى إذا لم يحلق صلى الله عليه وسلم شعر رأسه كان شعره ينزل على شحمه أذنه).
* أذج الحواجب (أى أن حواجبه مقترنة ومقوسة).
* أزهر اللون (أي أبيض بشيء من الحمرة).
* واسع الجبين أقني العرنين (أنفه طويل وهو ليس بالعريض أو المعقوف).
* له نور يعلوه يحسبه من لم يتأمله أن الشمس تطل من جبينه.
* كث اللحية.
* سهل الخدين (أى لم يكن ممتلئ الخدين أو مدور الوجه).
* ضليع الفم – عندما يتحدث صلى الله عليه وسلم يخرج الكلام من جميع فمه من تواضعه وتصفه السيدة عائشة رضي الله عنها عندما يتكلم وتقول "كأن كلماته حبات در انتظمت في عقد كان لا يسرد كلامه كما تسردون).
* مُفلّج الأسنان (أى غير مشبك الأسنان ورغم ذلك كان صلي الله عليه وسلم يستاك قبل كل صلاة).
* دقيق المشربه (أى الشعر الدقيق من الصدر إلى السرة كالقضيب).
* كان عنقه جيد دمية في صفاء (أى أن عنق الحبيب صلي الله عليه وسلم ملساء ولمن ينظر إليها يجدها تعكس الضوء).
* معتدل الخلقة بادن متماسك (غير نحيف ومتماسك: أى البطن والصدر فى حالة استواء أى بدون كرش).
* عريض الصدر.
* بعيد ما بين المنكبين.
*( خافض الطرف (نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء صلى الله عليه وسلم من رآه هابه ومن خالطه أحبه يقول من يصفه: " لم أر قبله ولا بعده مثله صلي الله عليه وسلم" فهذا كان وصف سريع لهند بن أبى هالة لسيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم .)*1
* وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا سُر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر
* وعن أنس بن مالك قال: دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم فنام عندنا. فعرق، وجاءت أمى بقارورة فجعلت تسلت العرق فيها فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين؟ قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا وهو من أطيب الطيب (العطر) وفى رواية انه قال: ففزع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما تصنعين؟ يا أم سليم!" فقالت: يا رسول الله! نرجو بركته لصبياننا قال "أصبت".
* بمولد الحبيب صلي الله عليه وسلم جاء الأمان لأهل الأرض فمن أجله لم يدمر الله عز وجل الأرض كما دمر الأمم السابقة إكراما لرسوله الكريم.
زوجات النبي صلى الله عليه وسلم (أمهات المؤمنين):
* أُولاهن خديجة بنت خويلد القرشية الأسدية تزوجها قبل النبوة ولها أربعون سنة ولم يتزوج عليها حتى ماتت وأولاده كلهم منها إلا إبراهيم. وهى التي آزرته على النبوة وجاهدت معه وواسته بنفسها ومالها وأرسل الله إليها السلام مع جبريل وهذه خاصة لا تعرف لامرأة سواها وماتت قبل الهجرة بثلاث سنوات.
* ثم تزوج بعد موتها بأيام سوده بنت زمعه القرشية وهى التي وهبت يومها لعائشة.
* ثم تزوج بعدها أم عبد الله عائشة الصديقة بنت الصديق المبرأة من فوق سبع سموات حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة بنت أبى بكر الصديق – وعرضها عليه الملك قبل نكاحها في قطعة من حرير وقال "هذه زوجتك" عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أُريتك في المنام مرتين إذا رجل يحملك في سرقه (شقة من حرير أبيض) فيقول هذه إمرأتك فاكشفها فإذا هي أنت فأقول: إن يكن هذا من عند الله يمضه) وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة في شهرشوال وعمرها ست سنين وبني بها (دخل بها) في شوال في السنة الأولي من الهجرة وعمرها تسع سنين ولم يتزوج بكراً غيرها وما نزل الوحي في لحاف إمرأة غيرها وكانت أحب الخلق إليه ونزلت براءتها من السماء واتفقت الأمه على كفر قاذفها (شاتمها) وهى أفقه نسائه وأعلمهن بل افقه نساء الأمة وأعلمهن على الإطلاق وكان الأكابر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرجعون إلي قولها ويستفتونها.
* ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذكر أبو داود انه طلقها ثم راجعها.
* ثم تزوج زينب بنت خزيمة بن الحارث القيسية من بني هلال بن عامر وتوفيت عنده بعد ضمه لها بشهرين ويقال ثلاثة شهور.
* ثم تزوج أم سلمه هند بنت أبى أمية القرشية المخزومية وهي آخر نسائه موتا.
* ثم تزوج زينب بنت جحش من بني أسد بن خزيمة وهى ابنة عمته أميمة وفيها نزل قوله تعالى " وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِك عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا " الأحزاب 37 – وبذلك كانت تفتخر على نساء النبي صلي الله عليه وسلم وتقول زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فوق سبع سماوات. ومن خواصها أن الله سبحانه وتعالى كان هو وليها الذي زوجها لرسوله من فوق سماواته وتوفيت في أول خلافة عمر بن الخطاب وكانت أولا زوجة زيد بن حارثه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم تبناه فلما طلقها زيد زوجه الله تعالى إياها لتتأس به أمته في نكاح أزواج من تبنوه وبخاصة وان الإسلام أبطل التبني بعد ذلك.
* وتزوج صلى الله عليه وسلم جويريه بنت الحارث بن أبى ضرار المصطلقية وكانت من سبايا بني المصطلق فجاءته تستعين به على أداء المال الذى تسترد بها حريتها فأدى عنها ما كان عليها من مال وتزوجها.
* ثم تزوج أم حبيبة وأسمها رمله بنت أبى سفيان صخر بن حرب القرشية الأموية وقيل: اسمها هند تزوجها وهى ببلاد الحبشة مهاجرة وأصدقها عنه النجاشي أربعمائة دينار وعادت إليه من هناك وماتت في أيام أخيها معاوية.
* وتزوج صلى الله عليه وسلم صفية (كانت يهودية وأسلمت قبل الزواج من الرسول ) بنت حُي بن أخطب سيد بني النضير من ولد هارون بن عمران أخي موسى فهي ابنة نبي وزوجه نبي وكانت من أجمل نساء العالمين وكانت قد صارت له من السبي (آمه) فأعتقها ودفع صداقها .
* ثم تزوج ميمونة بنت الحارث الهلالية وهي آخر من تزوج بها تزوجها بمكة في عمره القضاء بعد أن حل منها على الصحيح .. فهؤلاء نساؤه المعروفات اللاتي دخل بهن.
أبناء وبنات الرسول (صلى الله عليه وسلم):
قال النووي رحمه الله: كان له صلى الله عليه وسلم ثلاثة بنين: القاسم وبه كان يكني(ينادوا الرسول بأبى القاسم) ولد قبل النبوة وتوفي وهو بن سنتين وعبد الله وسُمي الطيب والطاهر لأنه ولد بعد النبوة و إبراهيم ولد بالمدينة سنة ثمان. ومات بها سنة عشر وهو بن سبعة عشر شهرا أو ثمانية عشر.
وكان له أربع بنات:
* زينب تزوجها أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد الشمس وهو ابن خالتها هالة بنت خويلد.
* فاطمة تزوجها على بن أبى طالب رضي الله عنه.
* رقية وأم كلثوم تزوجهما عثمان بن عفان تزوج رقية ثم أم كلثوم وتوفيتا عنده ولهذا سمى ذا النورين – وتوفيت أم كلثوم في شعبان سنة تسع من الهجرة فالبنات أربع بلا خلاف والبنون ثلاث على الصحيح وأول من وُلد له القاسم ثم زينب ثم رقية ثم أ أم كلثوم ثم فاطمة وجاء أن فاطمة أكبر من أم كلثوم وكلهم من خديجة إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية وكلهم توفوا قبله إلا فاطمة فإنها عاشت بعده ستة أشهر والله أعلم.
الفصل الثاني:
(الإسلام في حياة الرسول)
* غار حراء
* الوحي
* مراحل الدعوة الإسلامية في حياة النبي.
* أول الناس اسلاما.
*الاضطهادات والمقاطعه.
..
الموضوع::
غار حراء:
(كان النبي محمد يذهب إلى غار حراء في جبل النور على بعد نحو ميلين من مكة فيأخذ معه السويق والماء فيقيم فيه شهر رمضان وكان يختلي فيه قبل نزول القرآن عليه بواسطة الوحي جبريل ويقضى وقته في التفكر والتأمل.)*1
الوحي:
تذكر كتب السيرة النبوية أن الوحي نزل لأول مرّة على الرسول وهو في غار حراء، حيث جاء الوحي جبريل، فقال : اقرأ : قال : ( ما أنا بقارئ – أي لا أعرف القراءة ) ، قال : ( فأخذني فغطَّني حتى بلغ منى الجهد، ثم أرسلني، فقال : اقرأ، قلت : مـا أنـا بقـارئ، قـال : فأخذني فغطَّني الثانية حتى بلـغ مني الجهد، ثم أرسلني فقال : اقرأ، فقلت : ما أنا بقارئ، فأخذني فغطَّني الثالثة، ثـم أرسلني، فقال : (( اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم )) (سورة العلق : 1 – 5)، فأدرك الرسول أن عليه أن يعيد وراء الملاك جبريل هذه الكلمات، ورجع بها يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد
وأرضاها، فقال : ( زَمِّلُونى زملوني ) ، فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لزوجته خديجة : (ما لي؟) فأخبرها الخبر، ( لقد خشيت على نفسي)، فقالت خديجة: كلا، والله ما يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقرى الضيف، وتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة إلى ابن عمها ورقة بن نوفل وكان حبراً عالماً قد تنصر في الجاهلية، وكان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخًا كبيراً فأخبره خبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي أنزله الله على النبي موسى. وقد جاءه الوحي جبريل مرة أخرى
جالس على كرسي بين السماء والأرض، ففر منه رعباً حتى هوى إلى الأرض، فذهب إلى زوجه خديجة فقال: دثروني، دثروني، وصبوا علي ماءً بارداً ، فنزلت : (( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ )) (المدثر : 1 – 5)، وهذه الآيات هي بداية رسالته ثم بدأ الوحي ينزل ويتتابع لمدة ثلاثة وعشرون عاماً حتى وفاته.
مراحل الدعوة الإسلامية في حياة النبي (صلى الله عليه وسلم):
مرت الدعوة الإسلامية فى حياته عليه الصلاة والسلام منذ بعثته إلى وفاته بأربع مراحل:
المرحلة الأولى: الدعوة سراً واستمرت ثلاث سنوات.
المرحلة الثانية: الدعوة جهراً وباللسان فقط واستمرت الى الهجرة.
المرحلة الثالثة: الدعوة جهرا مع قتال المعتدين والبادئين بالقتال أو الشر واستمرت هذه المرحلة إلى عام صلح الحديبية.
المرحلة الرابعة: الدعوة جهراً مع قتال كل من وقف فى سبيل الدعوة أو أمتنع عن الدخول فى الإسلام – بعد فترة الدعوة والاعلام – من المشركين أو الوثنين. وكانت هذه المرحلة هى التى استقر عليها أمر الشريعة الإسلامية وقام عليها حكم الجهاد فى الإسلام.
أول الناس اسلاما:
(كانت أول الناس إسلاما زوجته خديجة رضى الله عنها وإبن عمه على بن أبى طالب وفى حديث أن أبا بكر أول من أسلم من الأحرار مطلقا.)
الاضطهادات:
أعمل المشركون كافة الأساليب لإحباط الدعوة بعد ظهورها في السنة الرابعة من النبوة، ومن هذه الأساليب السخرية والتحقير، والاستهزاء والتكذيب وإثارة الشبهات.
و قالوا عن الرسول: أنه مصاب بنوع من الجنون، وقالوا: إن له جناً أو شيطاناً يتنزل عليه كما ينزل الجن والشياطين على الكهان، وقالوا شاعر، وقالوا ساحر، وكانوا يعملون للحيلولة بين الناس وبين سماعهم القرآن، ومعظم شبهاتهم دارت حول توحيد الله، ثم رسالته، ثم بعث الأموات ونشرهم وحشرهم يوم القيامة وقد رد القرآن على كل شبهة من شبهاتهم حول التوحيد، ولكنهم لما رأوا أن هذه الأساليب لم تجد نفعاً في إحباط الدعوة الإسلامية استشاروا فيما بينهم، وقرروا القيام بتعذيب المسلمين وفتنتهم عن دينهم، فأخذ كل رئيس يعذب من دان من قبيلته بالإسلام، وتصدوا لمن يدخل
الإسلام بالتعذيب والضرب والجلد والكي، حتى أنهم وصل التعذيب للنبي محمد نفسه وضربوه ورجموه بالحجارة في مرات عديدة ووضعوا الشوك في طريقه، إلا أن كل ذلك كان لم يزد النبي
محمد وأصحابه إلا قوة وإيماناً. فلما اشتد البلاء على المسلمين أخبرهم الرسول محمد أن الله أذن لهم بالهجرة إلى الحبشة، فخرج الصحابي عثمان بن عفان ومعه زوجته رقية بنت محمد، وخرج الصحابي أبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود بن نضر بن مالك ثم خرج الصحابي جعفر بن أبي طالب فكانوا قرابة 80 رجلاً.
المقاطعة:
لما انتشر الإسلام وفشا اتفقت قريش على مقاطعة بني هاشم وبني المطلب ابني عبد مناف فلا يبايعوهم ولا يناكحوهم ولا يكلموهم ولا يجالسوهم حتى يسلموا إليهم محمد، وكتبوا بذلك صحيفة
وعلقوها في سقف الكعبة. فانحاز إلى الشعب بنو هاشم وبنو المطلب مؤمنهم وكافرهم إلا أبا لهب
فإنه ظاهر قريش. استمرت المقاطعة قرابة ثلاث سنوات فلم يقربهم أحد في الشعب. ثم سعى في نقض تلك الصحيفة أقوام من قريش فكان القائم في أمر ذلك هشام بن عمرو فأجابته قريش، وأخبرهم محمد أن الله قد أرسل على تلك الصحيفة الأكلة فأكلت جميع ما فيها إلا المواضع التي ذكر فيها الله.
وصلت الأخبار للمسلمين بالحبشة أن قريشاً قد أسلموا، فقدم مكة منهم جماعة فوجدوا البلاء والشدة كما كانا فاستمروا بمكة إلى أن هاجروا إلى المدينة.
ومما زاد الأمر سوءاً أن زوجته خديجة وعمه أبو طالب توفيا في عام واحد في عام واحد فسُمٍّي هذا العام بعام الحزن وكان ذلك في عام 619 م. وازداد بعدها أذى قريش للنبي محمد. فخرج النبي محمد إلى الطائف ليدعوهم آملاً أن يؤوه وينصروه على قومه، لكنهم آذوه ورموه بالحجارة ورفضوا دعوته ولم يسلم إلا الصحابي الطفيل بن عمرو الدوسي الذي دعا قومه ه فأسلم بعضهم وأقام في بلاده حتى فتح خيبر قدم بهم في نحو من ثمانين بيتاً.
وفقاً للمعتقد الإسلامي فإن الملائكة عرضت على النبي محمد أن يهلكوا أهل الطائف إلا أنه رفض وقال: «عسى أن يخرج من أصلابهم أقوام يقولون ربنا الله».
الفصل الثالث ::
(الأحداث التي مر بها الرسول بحياته)
*الاسراء والمعراج.
* الهجره.
*حجة الوداع وخطبة الوداع.
* وفاته.
…
الموضووع::
الاسراء والمعراج:
في عام 620 م وبينما محمد يمر بهذه المرحلة، وأخذت الدعوة تشق طريقها وقع حادث الإسراء والمعـراج، حيث يعتقد المسلمون أن الله أسرى بمحمد من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى راكباً
على البُرَاق، بصحبة جبريل، فنزل هناك، وصلى بجميع الأنبياء إماماً، وربط البراق بحلقة باب المسجد. ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء فاستفتح له جبريل ففتح له، فرأي هنالك آدم أبا البشر، فسلم عليه، فرحب به ورد، وأقر بنبوته، ثم قابل في كل سماء نبي مثل يحيى بن زكريا وعيسى بن مريم، يوسف، إدريس، هارون وموسى وإبراهيم ثم عرج به إلى الله، وفرض الصلوات في هذه الليلة التي خففت إلى خمس صلوات بعد أن كانت خمسين صلاة.
بعدما أصبح محمد من يومه أخبر قومه بما حدث لكنهم كذبوه، لم يصدقه سوى من آمن بدعوته مثل أبو بكر، فيروى أن الوثنيين طلبوا من محمد وصف المسجد الأقصى ومحمد لم يراه بوضوح في الليل، ولم يراه من قبل، فأتى جبريل بالمسجد الأقصى بين يديه وقال له صف يا محمد، فكان كلما وصف قال أبو بكر صدقت.
الهجرة:
اشتد أذى المشركين في مكة لمحمد وأصحابه وتعرض لمحاولات اغتيال فبدأ يعرض نفسه في مواسم الحج على قبائل العرب يدعوهم إلى الله ويخبرهم أنه نبي مرسل ويسألهم أن ينصروه ويمنعوه حتى يبلغ ما أرسله الله به للناس حتى سنة 11 من النبوة في موسم الحج جاء ستة من شباب يثرب وكانوا يسمعون من حلفائهم من يهود في المدينة، أن نبياً من الأنبياء مبعوث في هذا الزمان سيخرج، فنتبعه، ونقتلكم معه. وعد الشباب الرسول بإبلاغ رسالته في قومهم وجاء في الموسم التالي اثنا عشر رجلاً، التقى هؤلاء بالنبي عند العقبة فبايعوه بيعة العقبة الأولى. وفي موسم الحج في السنة الثالثة عشرة من النبوة يونيو سنة 622م حضر لأداء مناسك الحج بضع وسبعون شخصاً من المسلمين من أهل المدينة، فلما قدموا مكة جرت بينهم وبين النبي اتصالات سرية أدت إلى الاتفاق على هجرة رسول وأصحابه إلى المدينة المنورة وعرف ذلك الاتفاق ببيعة العقبة الثانية. وبذلك يكون الإسلام قد نجح في تأسيس دولة له، وأذن الرسول للمسلمين بالهجرة إلى المدينة. وأخذ المشركون يحولون بينهم وبين خروجهم، فخرجوا حتى لمْ يبق بِمكة إلا محمد وأَبو بكرٍ وعلي بن أبي طالب. همّ المشرِكون أَن يقتلوه، واجتمعوا عِند بابه، فخرج من بينِ أَيديهِم لم يره منهم أَحد، وترك علي ليؤدي الأَمانات التي عنده، ثمَّ يلْحق بِه. [17] و ذهب الرسول إِلى دارِ أَبِي بكرٍ، وكان أَبو بكرٍ قد جهز راحلتين للسفر، فأَعطاها رسول الإسلام عبد الله بن أُرَيْقِط، على أَنْ يوافيهِما في غار ثور بعد ثلاث ليالٍ، وانطلق الرسول وأَبو بكرٍ إِلَى الغار، و لم يستطع المشركين إيجادهما ويؤمن المسلمون أن لذلك تدّخل من عند الله، وفي يومِ الاثنين العاشر من شهر ربيع الأول سنة 622م دخل محمد المدينة مع صاحبه الصديق، فخرج الأَنصار إِليه وحيوه بتحية النبوة.
أهم غزواته:
(روى مسلم من حديث عبدالله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي عن أبيه قال غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة قاتل في ثمان منهن وعن زيد بن أرقم قال غزا رسول الله صلى الله
عليه وسلم تسع عشرة غزوة كنت معه في سبع عشرة وأما محمد بن إسحاق فقال كانت غزواته التي خرج فيها بنفسه سبعا وكانت بعوثه وسراياه ثمانيا وثلاثين وزاد ابن هشام في البعوث على ابن اسحاق.)*1
غزوة بدر:
وفي رمضان من السنة الثانية للهجرة خرج المسلمون بقيادة الرسول ليعترضوا قافلة لقريش يقودها أبو سفيان فلمًّا علم بهم أبا سفيان غَيّرَ طريقه إلى الساحل وأرسل إلى أهل مكة يستنفرهم، فخرجوا لمحاربة المسلمين والتقى الجمعان في غزوة بدر في 17 رمضان سنة اثنتين للهجرة. وانتصر جيش المسلمين وقُتِل أبو جهل عمرو بن هشام المخزومي سيد قريش.
غزوة أُحد:
بعد هزيمة قريش في غزوة بدر سعت للانتقام بسبب قتلاها في معركة بدر فجمعت من كنانة وغيرها من القبائل فخرجوا في 3000 مقاتل في 15 شوال من سنة 3 للهجرة فبلغ خبرهم للرسول فخرج بالمسلمين إلى أُحد وفي الطريق انسحب المنافق عبد الله بن أبي بن سلول وثلاثمائة من أتباعه وعادوا إلى المدينة وتابع المسلمون سيرهم إلى أحد ونزلوا في موقع بين جبل أحد وجبل صغير ووضع الرسول الرماة على جبل عينين وأمرهم أن لا يغادروا مواقعهم حتى يأمرهم بذلك مهما كانت نتيجة المعركة، وبدأت المعركة فحاول فرسان المشركين بقيادة خالد بن الوليد اختراق صفوف المسلمين من ميسرتهم فصدهم الرماة، وقتل عشرة من حملة لواء المشركين، وسقط لواؤهم ودب الذعر في صفوفهم وبدؤوا في الهرب، وتبعهم بعض المسلمين فاضطربت صفوفهم، ورأى الرماة هرب المشركين فظنوا أن المعركة حسمت لصالح المسلمين فترك معظمهم مواقعهم، ونزلوا يتعقبون المشركين ويجمعون الغنائم ولم يلتفتوا لتحذيرات قائدهم، واستغل خالد بن الوليد هذه الحال، فالتف على الجيش وتغيرت موازين المعركة، وأثناء ذلك، أشيع أن الرسول قتل، وانسحب الرسول بمجموعة من الصحابة الذين التفوا حوله إلى قسم من جبل أحد وحاول المشركون الوصول إليه ففشلوا ويئسوا من تحقيق نتيجة أفضل فأوقفوا القتال مكتفين بانتصارهم هذا.
غزوة بني قينقاع:
روي ابن هشام عن أبي عون: أن امرأة من العرب قدمت بجَلَبٍ لها، فباعته في سوق بني قينقاع، وجلست إلى صائغ، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبت، فَعَمَد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده
إلى ظهرها ـ وهي غافلة ـ فلما قامت انكشفت سوأتها فضحكوا بها فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله ـ وكان يهودياً ـ فشدت اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود، فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع.
و حينئذ سار الرسول بالمسلمين إلى بني قينقاع في 2هـ، ولما رأوه تحصنوا في حصونهم،
فحاصرهم ودام الحصار خمس عشرة ليلة فنزلوا على حكم الرسول في رقابهم وأموالهم ونسائهم وذريتهم، فأمر بهم فكتفوا وأمرهم أن يخرجوا من المدينة ولا يجاوروه بها، فخرجوا إلى أذْرُعَات الشام، فقل أن لبثوا فيها حتى هلك أكثرهم، وذهب ساداتهم إلى خيبر حيث كان أهلها يهود فسودوهم عليهم.
غزوة خيبر:
لما نقض يهود خيبر عهدهم مع الرسول وسعوا لتوحيد قبائل العرب على قتال المسلمين في غزوة الأحزاب وبلغ ذروة أذاهم للرسول عندما دسوا له السم في طعامه. توّجه محمد إلى خيبر ومعه ألف وست مئة مقاتل من المسلمين في مطلع ربيع الأول من العام السابع الهجري، وأحاط الرسول تحركه بسرية كاملة لمفاجئة اليهود.
فوصل منطقة تدعى رجيع تفصل بين خيبر وغطفان وفي الظلام حاصر المسلمون حصون خيبر واتخذوا مواقعهم بين أشجار النخيل. وفي الصباح بدأت المعارك، وكانت الحصون تسقط؛ الواحد تلو الآخر. حتى سقطت آخر حصونهم على يد سرية بقيادة علي ابن أبي طالب. وعندها طلب اليهود من الرسول الصلح والبقاء في ديارهم، شرط أن يقدموا نصف محصولهم من كل عام إلى المسلمين، فوافق الرسول على ذلك وصفح عنهم.
فتح مكة:
عقد محمد صلح الحديبية مع قريش في 628م لمدة 10 سنوات وبعد سنتين من عقد الصلح حدث قتال بين خزاعة وبني بكر وأعانت قريش بني بكر بالسلاح وقاتل معهم جماعة فذهب عمرو بن سالم الخزاعي للاستنصار بمحمد فخرجوا يردون قريش فلما كان ذلك ذهب أبو سفيان ممثلاً عنهم ليقوم بتجديد الصلح وخرج أبو سفيان حتى أتي رسول الإسلام فكلمه، فلم يرد عليه شيئاً، وأمر بتجهيز الجيش والتحرك نحو مكة ولعشر خلون من شهر رمضان 8 هـ سنة 630م، غادر الرسول المدينة متجهاً إلى مكة، في عشرة ألاف من الصحابة ونودي بمكة من دخل منزله فهو آمن ومن دخل الحرم فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، وبعد أن دخل المسلمين المدينة جمع الرسول قريش وقال لهم: ماذا تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: خيرا، أخ كريم وابن أخ كريم. قال: اذهبوا، فأنتم الطلقاء.
غزوة حنين:
لما فتح المسلمون مكة، اجتمعت قبائل هوازن وثقيف وبني هلال، وقررت محاربة المسلمين. قرر القائد جيشي هوازن وثقيف مالك بن عوف أن يسوق مع الجيش الأموال والعيال والنساء ليزيد ذلك
من حماس المشركين في القتال ويجعلهم يقاتلون حتى الموت، إن لم يكن للنصر فللدفاع عن الحرمات. وكان جيش المسلمين كبيراً بشكل أدخل الغرور في قلوب بعض المسلمين، حتى كان بعضهم يقول لن نهزم اليوم من قلة، ولكن في طريقهم إلى جيش هوازن وثقيف كان مالك قد نصب لهم كمين في وادي حنين أصاب المسلمين بالصدمة والارتباك، وأشيع أن محمد قتل، فبدأ المسلمين في الفرار والتراجع، لكن محمد استطاع أن يعيد الثقة لجنوده وحول الهزيمة إلى نصر، وسرعان ما فر المتبقي من جيشي هوازن وثقيف في أماكن مختلفة.
حجة الوداع:
في الخامس من شهر ذي القعدة من السنة العاشرة للهجرة أعلن الرسول محمد عن عزمه زيارة بيت الله الحرام حاجاً ، فخرج معه حوالي مئة ألف من المسلمين من الرجال و النساء ، وقد استعمل على المدينة أبا دُجانة الساعدي الأنصاري ، وأحرم للحج ثم لبّى قائلاً : "لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمدَ و النعمةَ لك ، و الملك ، لا شريك لك " (صحيح بخاري ، كتاب الحج ، باب التلبية.)
وبقي ملبياً حتى دخل مكة المكرمة ، وطاف بعدها بالبيت سبعة أشواط واستلم الحجر الأسود وصلّى ركعتين عند مقام إبراهيم وشرب من ماء زمزم ، ثم سعى بين الصفا و المروة ، وفي اليوم الثامن من ذي الحجة توجه إلى منى فبات فيها ، وفي اليوم التاسع توجه إلى عرفة فصلى فيها الظهر و العصر جمع تقديم في وقت الظهر ، ثم خطب خطبته الشريفة التي سميت فيما بعد خُطبة الوداع.
خطبة الوداع:
بعض الذي جاء في خطبة الوداع ما يأتي :
"" إن دمائكم و أموالكم حرامٌ عليكم ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوعٌ ، و دماء الجاهلية موضوعةٌ ، و إن أول دم أضعُ من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعاً في بني سعد فقتله هُذيل . وربا الجاهلية موضوعٌ ، وأول ربا أضع ربانا ، ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله ، فاتقوا الله في النساء ، فإنكم أخذتموهم بأمان الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله . ولك عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه
، فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح . ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف . وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به ، كتاب الله و أنتم تُسألون عنّي ، فما أنتم قائلون ؟ قالوا نشهد أنك قد بلقت و أديت و نصحت . فقال بإصبعه السبابة ، يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس : اللهم اشهد ، اللهم اشهد ، ثلاث مرات"".
وفاته:
في صفر سنة 11 هـ أصيب النبي محمد بالحمى واتقدت حرارته، حتى إنهم كانوا يجدون سَوْرَتَها فوق العِصَابة التي تعصب بها رأسه. وقد صلى الرسول محمد بالناس وهو مريض 11 يوماً وثقل به المرض، وطلب من زوجاته أن يمرَّض في بيت عائشة فانتقل إلى بيت عائشة يمشي بين الفضل بن العباس وعلي بن أبي طالب.
وقبل يوم من وفاته أعتق غلمانه، وتصدق بستة أو سبعة دنانير كانت عنده، وطفق الوجع يشتد
ويزيد، وتقول بعض الروايات بسبب سم دسه له يهود بخيبر في طعامه فينسب له أنه قال: "يا عائشة، ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبْهَرِي من ذلك السم". توفي محمد في ضحى من يوم الاثنين ربيع الأول سنة 11 هـ، وقد تم له ثلاث وستون سنة وهذا يوافق 13 نيسان 634 م
الخاتمة (التوصيات)
إن للرسول صلى الله عليه وسلم حقوقًا وواجبات إذا أداها المسلم نفعه الله به، وأسعده بشفاعته، وأكرمه بورود حوضه، وسقاه من ماء كوثره.
فإذا كنت محبًّا صادقًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتخلق بأخلاقه صلى الله عليه وسلم ومن ذلك:
1 – طاعته واتباعه في كل ما أمر به، والعمل بسنته، والحكم بقرآنه والإكثار من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم.
2 – اترك الفحش، وهو كل ما قبح وساء من قول أو فعل.
3 – أخفض صوتك، وأغضض منه إذا نطقت، وخاصة في المجتمعات العامة، كالأسواق والمساجد، والحفلات وغيرها، ما لم يقتضي الأمر ذلك.
4 – ادفع السيئة التي قد تصيبك من أحد بالحسنة، بأن تعفو عن المسيء، فلا تؤاخذه، وتصفح عنه بأن لا تعاقبه، ولا تهجره.
5 – اترك التأنيب المذموم لخادمك، أو زميلك أو ولدك، أو تلميذك، أو زوجتك إذا أخطئوا أو قصروا.
6 – لا تُقصر في واجبك، ولا تبخس حق غيرك، حتى لا تضطره إلى أن يقول لك: لِمَ فعلت كذا…؟ أو لِمَ لم لا تفعل كذا؟ لائمًا عليك، أو عاتبًا عليك.
7 – اترك الضحك إلا قليلاً، وليكن جلّ ضَحِكك التبسم.
8 – العمل ومشاركة الآخرين، والسرور بذلك إظهارًا لعدم التكبر.
9 – عدم الرضا بالمدح الزائد، والإطراء المبالغ فيه، والاكتفاء بما هو ثابت للعبد، وبما قام به من صفات الحق والفضل والخير
10 – تمسك بسنن الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى تدخل في قوله: "إن من ورائكم أيام الصبر، للمُتمسك فيهن بما أنتم عليه أجرُ خمسين منكم، قالوا: يا نبي الله أو منهم؟ قال: بل منكم".
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعى آله وصحبه أجمعين..
المصادر والمراجع :::
* معهد الإمارات التعليمي www.uae.ii5ii.com
* ويكيبيديا الموسوعة الحرة .
* بداية سيرة الرسول، محمد عبدالوهاب،دار القلم للنشر، 1445هـ 2024م.
* السيرة النبوية للأطفال،لعبدالمنعم الهاشمي، دار اليقين للنشر والتوزيع، 1445_ 2024م.
.,.
وبالتوفييج
جزاكِ الله خيرا
منورهْ