بحث تقرير عن المقاله
لعل الآداب أعرق مظاهر النشاط الإنساني عند العرب ، وقد امتازوا منذ القدم بشغف لا حد له بفنون القول حتى كانت معجزة الإسلام فيهم أدبية ، وقد تنافسوا في نظم القصيد والرجز ، وفي نثر الخطب ، والوصايا ، والأمثال ، والأحاديث .
وسأتناول في هذا التقرير المقالة الأدبية باعتبارها فنا نثريا حديثا ، من حيث تعريفها ، ونشأتها ، وأسلوبها ، وأنواعها .
تعريف المقالة :
قطعة نثرية قصيرة أو متوسطة موحدة الفكرة ، تعالج بعض القضايا الخاصة أو العامة . معالجة سريعة تستوفي انطباعا ذاتيا ، أو رأيا خاصا ، ويبرز فيها العنصر الذاتي بروزا غالبا يحكمها منطق البحث ، ومنهجه الذي يقوم على بناء الحقائق على مقدمتها ويخلص إلى نتائجها .
أما تعريفها حسب النقاد العرب فهي كما يقول الدكتور محمد يوسف نجم : بأنها قطعة نثرية محدودة الطول والموضوع ، تكتب بطريقة عفوية سريعة خالية من التكلف ، وشرطها أن تكون تعبيرا صادقا عن شخصية الكاتب .
نشأتها :
نشأت المقالة الحديثة في الغرب على يد مونتي ( الفرنسي ) في القرن السادس عشر ، وكانت ذاتية تعب عن تجربة الكاتب ، ثم برز في انجلترا فرنسيس باكون في القرن السابع عشر ، فأفاد من تجربة مونتي ولكنه طورها ، وكان عنصر الموضوعية عنده أشد وضوحا مع ميله إلى الموضوعات الخلقية والاجتماعية المركزة . وفي القرن الثامن عشر بدت ، المقالة نوعا أدبيا قائما بذاته ، وقد أعانه تطور الصحافة على تطوير هذا العنصر الأدبي ، وبرز فيها عنصر السخرية والفكاهة . وفي القرن التاسع عشر اتسع نطاق المقالة لتشمل نواحي الحياة جميعها ، واتسع حجمها بحكم ظهور المجلات المتخصصة .
أما في أدبنا العربي القديم فقد عرف فن الفصول والرسائل وهو يقترب من الخصائص العامة لفن المقال مثل : رسائل عبد الله بن المقفع وعبد الحميد الكاتب ، ورسائل الجاحظ وأبي حيان التوحيدي في كتابيه ( الإمتاع والمؤانسة ، وأخلاق الوزيرين ) .
وتطورت المقالة عن العرب بسبب : –
1- تأثرهم بالغرب وصحافته .
2- ارتقاء الوعي وظهور الأحزاب السياسية والتيارات الفكرية التي جاء بعض المفكرين مثل جمال الدين الأفغاني ، والثورة العربية والاحتلال البريطاني ، وحركة تأسيس المدارس . والكليات ، ونشاط الحركة الاستعمارية في المغرب العربي .
3- ظهور مدرسة الصحيفة الحديثة .
4- ظهور المجلات المتخصصة .
وللمقالة عناصر أهمها :
أ- المادة والأسلوب والخطة :
المادة : هي مجموعة الأفكار والآراء والحقائق والمعارف والنظريات والتأملات والتصورات والمشاهدة والتجارب والأحاسيس والمشاعر والخبرات التي تنطوي عليها المقالة ويجب أن تكون واضحة وبعيدة عن التناقض ، وفيها تركيز ووفاء بالفرص ، وفيها من الطرافة والجدة والابتعاد عن الهزيل من الرأي ، وفيها من الإمتاع بحيث تكون مطالعتها ترويحا للنفس .
ب- الأسلوب : وهو الصياغة اللغوية والأدبية لمادة المقالة ، فلابد في أسلوب المقالة من الوضوح بقصد الإفهام ، والقوة بقصد التأثير ، والجمال بقصد الإمتاع ، فالوضوح في التفكير يفضي إلى الوضوح في التعبير ومعرفة الفروق الدقيقة بين المترادفات والإكثار من الطباق يزيد المعنى وضوحا ، والقوة في الأسلوب سبب في قوة التأثير ، وتأتي قوة الأسلوب من حيوية الأفكار ودقتها ومتانة الجمل وروعتها .
أما جمال الأسلوب فمن أجل المتعة الأدبية حيث يترك الكاتب الكلمات الخشنة والجمل المتنافرة والجرس الرتيب ، ويستوحي من خياله الصور المعبرة .
ج- الخطة :
وهي المنهج العقلي الذي تسير عليه المقالة ، وهي تتألف من مقدمة وعرض وخاتمة . والمقدمة هي المدخل وتمهيد لعرض أراء الكاتب ، ويجب أن تكون أفكارها بديهية مسلما بها ، وأن تكون موجزة ومركزة ومتصلة بالموضوع .
والعرض هو صلب الموضوع وهو الأصل في المقالة ، وفيه تعرض أفكار الكاتب عرضا صحيحا وافيا ومتوازيا والخاتمة تلخص النتائج التي توصل إليها الكاتب في العرض ، ويجب أن تكون واضحة صريحة حازمة .
أنواع المقالة :
1- المقالة العلمية :
موضوعاتها علمية وأهدافها تبسيط الحقائق العلمية ، وتيسير نقلها إلى الجمهور ، والبعد عن التأنق والزينة ، ولا تلبس المقالة العلمية من الأدب إلا أراق ثوب .
2- المقالة الأدبية :
هي قطعة من الشعر المنثور تشف عن ذات الأديب ، وتعبر عن مشاعره ، وتنطلق مع خياله ، وترسم ملامح شخصيته وأسلوبها أدبي محض .
3- الخاطرة :
مقالة قصيرة جدا تحتل بعض الزوايا في الصحف والمجلات ، وتعتمد على أسلوب الخطف في معالجة الموضوعات ، وتتميز بالطابع الذاتي ، ولها مذاق عذب في نفس القارئ ، وهي أشبه بالرسم الكاريكاتوري .
أما إذا تحدثنا عن المقالة فإنها تتصل اتصالا وثيقا بالصحافة في الشرق الأوسط فهو يرجع إلى غزو نابليون للشرق ووجود المطابع الحديثة .
وقد ظهر المقال الأدبي إلى جانب المقال الصحفي , وكل يتحدث عن موضوع خاص به , فالمقال الأدبي يتحدث عن الأدب و الفن والتاريخ و الاجتماع , أما المقال الصحفي فيتناول المشكلات القائمة و القضايا المستجدة من الناحية السياسية .
الخاتمة :
و هكذا ومن خلال ما سبق نرى أن الفنون الأدبية – الشعرية و النثرية – ظل للحياة , وانعكاس لمكنوناتها , ترقى برقيها , وتتأخر و تتخلف بتخلفها , فإذا ما ارتقت الحياة وتعقدت ارتقى الأدب وازدهر ، و إذا ما مالت الحياة إلى البساطة , مال الأدب إلى مرحلة فطرية يرصد دقائق هذه الحياة , و هذا ما ظهر في النثر الجاهلي , حيث كان بسيطا يعبر عن حياة فطرية بعبارة موجزة وحكمة سريعة تجري على لسان أشخاص تعبر عن مواقف بسيطة في حياتهم .
وفي ظل التطور المعرفي والتفجر الهائل في كم المعلومات ازدادت الفنون النثرية وانتشرت ، وصار لها خصائص تميزها لتتلاءم مع معطيات الحياة الاجتماعية والسياسية ، فكانت هناك المقالة والخاطرة والحديث الإذاعي والندوة وغيرها من فنون النثر معبرة عن طابع العصر الذي نشأت فيه ، بعدما كان الخطب والرسائل والتوقيعات والمقامات أبرز ما يميز العصور الأدبية السابقة .
فالأدب ابن الحياة ينشأ في رحابه يكتسي بما ينتجه العصر من معارف وما يخلفه في الحياة من تطور وارتقاء .
المراجع :
1- أدب المقالة : عبد اللطيف حمزة .
2- فن المقالة : د. سوسن رجب .
3- مجلة أنهار الأدبية : كيف تتقن فن المقالة ؟ بقلم رزان .
4- كتاب اللغة العربية : سلمان أبو عبده ولآخرون . 2024م .
المواقع:
مصدر :معهد الامارات التعليمي www.uae.ii5ii.com
موقع صحيفة الأنهار https://www.anhaar.com
موقع شبكة منابر الأدبية https://www.mnaabr.com
https://www.arifalwan.com
__________________
ۈ يسعدليَ صباحڪَ ، مسآئڪَ بڪلَ فلَ ۈ ياسمينَ . .
تسلـًــــــــــــــــمً آخويً عِ الطرحَ . .
ـبآًركً اللهً فيكً . .