المقدمة :ــ
يظل الشعر الجاهلي ثرياً، لا يمكن أنْ تحيط به دراسة، أو أنْ يلم بمعضلاته كتاب، ولقد تتابعت على دراسته مناهج متعددة، ابتداءً من المنهج التاريخي وانتهاءً بالمنهج البنيوي، ولقد أسهمت هذه المناهج في إضاءة جوانب غامضة منه، ولاتزال جوانب أخرى بها حاجة إلى الدرس والتحليل .
يكمن سبب اختياري لهذا الموضوع وهو " الشعر الجاهلي " هو رغبتي في التعرف على معنى الشعر الجاهلي و أمثله عليه و أغراضـــه و متى تم توثيقه ..
ولله الحمد لم تواجهني أي صعوبات في مصادر لأنه قد تواجدت و بكثره عن هذا الموضوع ..
وهذا تقرير يحاول السير في هذا الطريق ولا أزعم له الكمال، فإن وفقت فذلك حسبي، وإنْ لم أستطع فإنني قد حاولت :
جاء بحثي على شكل فصول :ـ
• الفصل الأول :
1. تعريف الجاهلية ..
2. الرواية الشعر الجاهلي ..
• الفصل الثاني :
1. توثيق الشعر الجاهلي ..
2. أغراض الشعر الجاهلي ..
3. المعلقات ..
الفصل الأول :
**تعريف الجاهلية ..
تُثير كلمة » الجاهلية « قضايا عديدة، فهي في الحقيقة مصطلح مستحدث أطلقه الإسلام على المرحلة السابقة للبعثة النبوية، فهو من هذه الناحية تكتنفه الدلالة الدينية، مما دفع بعض الباحثين إلى القول : إنَّ مصطلح الجاهلية » مصطلح ديني له غاية محددة حين ظهر الإسلام ، هي حث العرب على التخلص من كل نقيصة كانت لهم في عهد ما قبل الإسلام، بل تنفيرهم من ذلك وترغيبهم فيما جاء به الإسلام من خلق سوي أراده الله تعالى لهم « [56]، ويعمد باحث آخر إلى النأي عن استخدام مصطلح »الجاهلية « لأنه في تصوره مصطلح مضلل، ويؤثر استبداله بمصطلح آخر هو » مرحلة ما قبل الإسلام « لأنه يرى أنَّ مصطلح الجاهلية » قد ارتبط بفكرة سائدة وغير حقيقية ترى في هذه الفترة من حياة العرب إظلاماً تاماً في كل نواحي الحياة، فهي من الجهل والجهالة العمياء، وكثيراً ما يؤكد هذا المعنى في قولهم » جاهلية جهلاء وضلالة عمياء « على حين انه كان للعرب حضارتهم المتطورة قبل الإسلام بزمن طويل، فالتسمية بالجاهلية تسمية دينية قصد منها التنفير من هذا العهد وآثاره، وليست تسمية علمية«
**الرواية الشعر العربي :
الشعر العربي وصل إلينا عن طريق الرواية، فالذين رووا الشعر الجاهلي بعد ظهور الإسلام كانت روايتهم لا تتعدى الجد الرابع أو الخامس. أما ما يقال عن تدوين الشعر بالكتابة في العصر الجاهلي فهو قول فيه نظر..
وقد تضاربت الآراء حول كتابة المعلقات وتعليقها على الكعبة؛ فياقوت الحموي ينفي ذلك بقوله: "ولم يثبت ما ذكره الناس من أنها كانت معلقة على الكعبة" فالكتابة محدودة في العصر الجاهلي وليست شائعة وإنما يعتمد العرب في حفظ أشعارهم وتَدَاولها على الرواة، والشعر الجيد يفرض نفسه على الرواة فيتناقلونه ويحفظونه، والدليل على ذلك قول المُسَيَّب ابن علس:
فَلأُ هْدِيَنَّ مَعَ الرِّيَاحِ قَصِيـدَةً مِنِّي مُغَلْغَلَةً إلى القَعْـقَاعِ
تَرِدُ المِيَـاهَ فَمَا تَزَالُ غَـرِيْبَةً في القَوْمِ بَيْنَ تَمَثُّلٍ وسَمَاعِ
ومنذ أن عرف الشعر الجاهلي وله رواة ينقلونه إلى من بعدهم؛ فالأعشى يروي شعر المسيب بن علس، وطرفة يروي أشعار المتلمس. وهناك سلسلة من الرواية المتصلة نجعلها مثلاً لرواية الشعر الجاهلي؛ فشعر أوس بن حجر رواه زهير بن أبي سلمى، وزهير روى شعره الحطيئة، والحطيئة راويته هُدْبَة بن خشرم، وهدبة بن خشرم روى عنه جميل بثينة، وجميل بثينة روى عنه كُثيِّر عزة.
الفصل الثاني :
**توثيـق الشعر الجاهلي
لا ريب أنَّ الشعر الجاهلي يثير معضلة تتجلى واضحة في تفاوت أساليب المقطوعات الشعرية والقصائد الجاهلية، وتظهر أيضاً في ترتيب الأبيات الشعرية واختلاف الروايات في مفرداتها وتراكيبها وصياغاتها . وهذا من شأنه أن يثير الشك حول صحة الشعر، من حيث نسبته إلى صاحبه، أو إلى زمانه، أو إلى مكانه .
ولم يكن الأدب العربي بدعة في هذا السياق، إنما هي ظاهرة عانت منها آداب الأمم الأخرى في مراحلها التي سبقت التدوين، ولذلك فإنَّ الأدب الإغريقي، وبخاصة في ملحمتيه الإلياذة والأوديسا قد تسـرب الشك إليه في تـوثيق النصوص ونسبتها إلى مؤلفيها [112] .
وقد شاع استخدام مصطلح الانتحال ليدل على قضية الشك في الشعر الجاهلي ويؤثر بعضهم استخدام مصطلح النحل ويحدده بأنه » وضع قصيدة ما أو بيت أو أبيات وإسناد ذلك لغير قائله « [113]، ويذهب آخر إلى أنَّ » معنى انتحله وتنحله ادعاه لنفسه وهو لغيره …ويقال نحل الشاعر قصيدة، إذا نسبت إليه، وهي لغيره « [114]، وقد ميز باحث آخر بين ثلاثة مصطلحات، وهي : النحل، والانتحال، والوضع، فالوضع لديه » هو أن ينظم الرجل الشعر ثم ينسبه إلى غيره لأسباب ودواع، والانتحال هو ادعـاء شـعر الغير… والنحل أن ينسب الرجل شـعر شـاعر إلى شاعر آخر« [115] .
**أغراض الشعر الجاهلي ..
أغراض الشعر الجاهلي هي الموضوعات التي نظم فيها شعراء الجاهلية شعرهم؛ فإذا كان قصد الشاعر وغرضه من الشعر الاعتزاز بنفسه أو قبيلته فشعره فخر، وإذا كان قصد الشاعر التعبير عن الإعجاب بشخص ما في كرمه أو شجاعته أو غير ذلك فشعره مدح، وإذا كان قصده وغرضه النيل من شخص ما وتحقيره فذلك الهجاء، وإذا كان الشاعر يهدف إلى إظهار الحزن والأسى فذلك الرثاء، وإذا حَلَّقَ الشاعر في الخيال فرسم صوراً بديعة فذلك الوصف، وإذا عَبَّر عن حديثه مع النساء فذلك الشعر هو الغزل، وإذا استعطف بشعره أميراً أو غيره فهو الاعتذار، وإذا نظر في الكون وحياة الناس فتلك الحكمة.
وأغراض الشعر الجاهلي التي نريد بسط القول فيها هي: المدح، الجاء، الرثاء، الفخر، الوصف، الغزل، الاعتذار، الحكمة، مع أن القصيدة العربية الواحدة تشمل عدداً من الأغراض؛ فهي تبدأ بالغزل ثم يصف الشاعر الصحراء التي قطعها ويتبع ذلك بوصف ناقته، ثم يشرع في الغرض الذي أنشأ القصيدة من أجله من فخر أو حماسة أو مدح أو رثاء أو اعتذار، ويأتي بالحكمة في ثنايا شعره فهو لا يخصص لها جزءاً من القصيدة.
ستناول أهم أغراض الشعر الجاهلي وفي شي من التبسيط :ـ
&المدح :
يعتبر غرض المدح من أهم الأغراض التي قال فيها شعراء الجاهلية شعرهم؛ ذلك أن الإعجاب بالممدوح والرغبة في العطاء تدفعان الشاعر إلى إتقان هذا الفن من القول، فيسعى الشاعر إلى قول الشعر الجيد الذي يتضمن الشكر والثناء، وقد يكون المديح وسيلة للكسب. والصفات التي يُمْدَحُ بها الممدوح هي: الكرم والشجاعة ومساعدة المحتاج والعفو عند المقدرة وحماية الجار، ومعظم شعراء الجاهلية قالوا شعراً في هذا الغرض، فهم يمدحون ملوك المناذرة في الحيرة أو ملوك الغساسنة بالشام ويأخذون عطاءهم وجوائزهم.
&الهجاء:
سبيل الشاعر إلى غرض الهجاء وهدفه منه: تجريد المهجو من المُثًل العليا التي تتحلى بها القبيلة، فيجرد المهجو من الشجاعة فيجعله جباناً، ومن الكرم فيصفه بالبخل، ويلحق به كل صفة ذميمة من غدر وقعود عن الأخذ بالثأر بل إن الشاعر يسعى إلى أن يكون مهجوه ذليلاً بسبب هجائه، ويؤثر الهجاء في الأشخاص وفي القبائل على حد سواء فقبيلة باهلة ليست أقل من غيرها في الجاهلية ولكن الهجاء الذي تناقله الناس فيها كان له أثر عظيم وهذا هو السر الذي يجعل كرام القوم يخافون من الهجاء ويدفعون الأموال الطائلة للشعراء اتقاء لشرهم.
& الفخر و الحماسة :
الفخر هو الاعتزار بالفضائل الحميدة التي يتحلى بها الشاعر أو تتحلى بها قبيلته، والصفات التي يفتخر بها الشعراء هي الشجاعة والكرم والنجدة ومساعدة المحتاج، والفخر يشمل جميع الفضائل. أما الحماسة فهي الافتخار بخوض المعارك والانتصارات في الحروب، فالحماسة تدخل في الفخر ولكن ليس كل فخر حماسة، فنجد الحماسة في أشعار عنترة العبسي وعمرو ابن كلثوم..
&الغزل :
هو التحدث عن النساء ووصف ما يجده الشاعر حيالهن من صبابة وشوق وهيام، وقد طغى هذا الغرض على الشعراء فأصبحوا يصدرون قصائدهم بالغزل لما فيه من تنشيط للشاعر واندفاعه في قول الشعر، ولما فيه من تنشيط للمستمع لذلك الشعر، ومن أجمل مطالع القصائد الغزلية قول المثقب العبدي..
&الاعتذار:.
الاعتذار هو استعطاف المرغوب في عفو، حيث يبين الشاعر ندمه على ما بدر منه من تصرُّفٍ سابق. وتقديم العذر في عرض ملائم يقنع المُعْتَذَرَ إليه المرجو عفوه يدل على مهارة في القول وتفنن في الشعر. وزعيم الاعتذار في العصر الجاهلي هو النابغة الذبياني الذي قال أجود اعتذار قيل في ذلك العصر للنعمان بن المنذر ملك الحيرة..
**المعلقات :
المعلقات قصائد محكمة النسج جيدة المعنى اختيرت من بين القصائد الجاهلية؛ لتكون مثالاً يحتذى ونهجاً يتبع.
ومن أسماء المعلقات السموط وهي العقود؛ فالعرب يشبهون القصيدة الجيدة بالعقد الذي يعلق في صدر الحسناء، والسموط تأخذ معنى المعلقات لأن السموط تعلق مثلها. ومن أسمائها المذهّبات لأن تلك القصائد تكتب بماء الذهب قبل تعليقها.
ومن أسمائها: القصائد المشهورات؛ لأنها اشتهرت أكثر من غيرها، وسميت أيضاً السبع الطوال الجاهليات، والتزم بهذا الاسم من رأى أن المعلقات سبع، ومن أسمائها القصائد التسع ويطلق هذا الاسم من يرى أن القصائد المشهورة تسع، ويطلق على المعلقات القصائد العشر ويختار هذا الاسم من يرى أن القصائد عشر
الخاتمة :ـ
و ها أنا قد انهيت بحثي بدون أي صعوبات ، و أرجو من الله ان أكون قد وفقت في اختيار هذا الموضوع و كتابته ، و أرجو من الله أن ينتفع بحثي هذا جميع أبناء دولة الأماارات ..
و خير ختــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــام هو قول :
"والله أعلم "