الألوان ضرورية في حياتنا اليومية و تؤثر علينا , فللون الأزرق يُريحنا و الأحمر يُوترنا , و تُضيف الألوان إلى حياتنا طابع خاص لا أستطيع أن اشرحه سوى أن أقول لكم تخيلوا الحياة أبيض و أسود فقط! فماذا تكون حالنا؟
أشعة الشمس تتكون من 7 ألوان , و هي ألوان الطيف :
بنفسجي Violet.
لازوردي Indigo.
أزرق blue.
أخضر Green.
أصفر Yellow.
برتقالي Orange.
أحمر Red.
كل لون من ألوان الطيف هو عبارة عن موجات طاقة كهرومغناطيسية ElectroMagnetic Energy waves له طول موجة Wavelength مُختلفة , و هذا ما يُعطيها الألوان المُختلفة كل حسب طول موجته.
يُمكننا أن نرى ألوان الطيف السبعة و ذلك بتسليط أشعة الشمس على مخروط من الزجاج , بحيث يتحلل ضوء الشمس إلى ألوانه السبعة لأن سرعتها سوف تختلف و هي تمر عبر المخروط لإختلاف طول موجاتها (طاقتها).
كيف تكتسب الأجسام ألوانها؟
تتكون الأجسام من جزيئات , و الجزيئات تتكون من ذرات Atoms و إلكترونات Electrons , و هذه الذرات و الإلكترونات تتفاعل مع الضوء (الطاقة) الذي يقع عليها بعدة طرق:
تعكس أو تُبعثر الضوء الذي يقع عليها.
تمتص الضوء الذي يقع عليها.
تترك الضوء الذي يقع عليها يعبر خلالها دون أن يفقد من طاقته.
تكسر الضوء الذي يقع عليها.
الأجسام السوداء تمتص جميع ألوان الطيف التي تقع عليها , و لهذا تبدو سوداء اللون و كذلك تكون حارة لأنها تمتص طاقة الضوء (الموجات الضوئية). بخلاف الأجسام البيضاء التي تعكس جميع ألوان الطيف , و لهذا تبدو بيضاء اللون و تكون باردة لأنها لا تمتص طاقة الضوء. النباتات تحتوي على مادة الكلوروفيل التي تمتص اللون الأزرق و الأحمر و تعكس اللون الأخضر , لهذا تكون النباتات خضراء و قس على ذلك كل الألوان التي تراها حولك.
كيف نرى الألوان حولنا؟
الإنسان يُبصر الأشياء حوله بوقوع الضوء عليها و إنعكاسه إلى العين ليقع على الشبكية التي تحول طاقة الضوء إلى إشارات كهربائية تعبر إلى المخ عن طريق العصب البصري و الذي بدوره يترجمها إلى ما نراه من حولنا و بالألوان. في شبكية العين يوجد نوعان من المُستقبلات :
1- العُصيات Rods .
2- الأقماع Cones .
العُصيات مسئولة عن البصر الأبيض و الأسود و نستخدمها أكثر في الظلام , و الأقماع مسئولة عن البصر بالألوان أو رؤية و تمييز الألوان عن بعضها البعض. القمع إما أن يحتوي على صبغة حساسة للأزرق أو الأحمر أو الأخضر , و يمتص موجات الضوء ذات طول مُعين. فالأقماع التي تمتص موجات الضوء القصيرة , تمتص الضوء الأزرق (تميز اللون الأزرق) و الأقماع التي تمتص موجات الضوء المتوسطة تمتص الضوء الأخضر (تميز اللون الأخضر) , و الأقماع التي تمتص موجات الضوء الطويلة تمتص الضوء الأحمر (تميز اللون الأحمر).
اللون الأزرق و الأحمر و الأخضر هي الألوان الأساسية التي تتكون منها جميع اللوان , فبإثارة تركيبات مُختلفة من هذه الأقماع نرى الألوان بإختلافها و تنوعها من حولنا.
…أتمنى هـــ الموضوع ايفيدك أخوي …
د. محمد السقا عيد
ماجستير وأخصائى طب وجراحة العيون
تمتلىء اللغة العربية بتعبيرات وكتابات تستخدم اللون فيها …فمثلا نقول فلان ضحكته صفراء …ونقول فلان يتطاير الشرر الأحمر من عينيه …وهذا لأن وجهه يحتقن بالدم ويبدو أحمر …واللون الأحمر يعني الفعل القوي …فإذا خف ونقص تأثيره أصبح وردياً دلالة على الحياة السعيدة النشطة اللطيفة ، فيقال " حياة وردية " يعني السعادة …أما الأسود فيعني انعدام اللون والضوء ويرمز للحزن والموت …
·ما هــــو اللـــون ؟
اللون هو ذلك التأثير الفيزيولوجي الناتج على شبكية العين …سواء كان ناتجاً عن المادة الصباغية الملونة أو عن الضوء الملون …فهو إحساس إذن وليس له وجود خارج الجهاز العصبي للكائنات الحية …ولكن المصورون والمشتغلون بالصباغة وعمال المطابع يقصدون بكلمة اللون المواد التى يستعملونها لمادة التلوين .
أما علماء الطبيعية فيقصدون بكلمة لون نتيجة تحليل الضوء ( الطيف الشمسي ) أو طول موجة الضوء ، وفى الحقيقة يوجد كل من المادة الملونة أى المادة الصباغية وكذا الشعاع الملون أى الضوء الملون .
وقد حدد علم الطبيعة اللون بالدلالات الطبيعية الثلاثة الآتية :
(1) طــول الموجــة :
إن الإشعاعات التى تؤلف ضوء الشمس مثلاً يمكن أن تشتت بالاستعانة بمنظور ثلاثي إلى ألوان الطيف ( بنفسجي ، أزرق ، أخضر ..) التى تتميز بحسب أطوال أمواجها إذ أن لكل لون طول خاص للموجة ، وبعض الإشعاعات لا تستطيع العين أن تميزها مثل موجات تحت الحمراء وموجات فوق البنفسجية …
(2) النقـــــاء :
أى النسبة بين اللون وبين كمية الأبيض الموجودة .
(3) عامل النصوع :
أى كمية الضوء المنقولة أو المنعكسة من اللون وبذلك يمكن لعيوننا أن تسجل وتدرك هذه الألوان السبعة (بنفسجي –نيلي –أزرق –أخضر – أصفر –برتقالي –أحمر ) ومشتقاتها ودرجاتها المختلفة .
oإدراك أو حس اللون :
نحن لا نستطيع إدراك الأشياء الملونة إلا بواسطة الضوء الواقع عليها والذي ينعكس جزء منه إلى عيوننا –ولذلك فأي شئ ملون إذا ما سلط عليه ضوء قوي فإنه يعكس إشعاعاً أكثر وبالتالي يظهر أكثر نصوعاً أما إذا وقع هذا الشيء الملون تحت ضوء خافت فإنه يعكس قليلاً ويظهر غير واضح .
وقد برهن العالم " نيوتن " أن الضوء هو أصل اللون " إن الضوء الأبيض يمكن تحليله إلى ألوانه الأصلية كما يمكن تجميع هذه الألوان لنحصل على الضوء الأبيض إذن ، فإذا وجد الضوء وجدت ألوان . وتبع ذلك أن طبيعة الضوء تؤثر على طبيعة الألوان ، فنجد أن الألوان تختلف فى مظهرها تحت ضوء النهار عنها تحت الإضاءة الصناعية ، ويمكنك التأكد من ذلك من ملاحظة لون قماش معروض داخل معرض مضاء بالضوء الصناعي ، ولون ذات القماش فى ضوء النهار العادي
·لماذا نرى الأشياء ملونة ؟
ان أى جسم معرض للضوء يمتص الإشعاعات ويعكس البعض الآخر ، ولون هذا الجسم هو لون الإشعاع المنعكس منه …فالفستان أحمر لأنه امتص كل إشعاعات الضوء الساقطة عليه وعكس إلى عيوننا الإشعاعات الحمراء ، وتنقل العين هذه الاحساسات إلى المخ عن طريق مجموعة الأقماع الشبكية الخاصة باللون الأحمر وبذلك يتكون الإحساس باللون الأحمر ، وكذلك فالمياه تبدو زرقاء لأن ضوء الشمس يعاني الانعكاسات الانكساريه وأثناء مروره فى طبقات الجو المختلفة فى رحلته إلى الأرض . بحيث تصل إلينا الإشعاعات الزرقاء فقط …ولهذا السبب أيضاً يبدو البحر أزرق اللون ، بينما تبدو أمواج البحر بيضاء بسبب إحتوائها على فقاقيع الهواء التى تعكس كل الأشعة الضوئية ولا تمتص منها شيئاً .
والعين على درجة كبيرة من الحساسية خاصة اللون الأخضر ، وتنعدم هذه الحساسية عند نهايتي الأحمر والبنفسجي ، فالعين قادرة على إدراك أقل اختلاف فى اللون ويمكنها أن تميز من 200 إلى 250 لون .
وتميز العين بسهولة الألوان البنفسجية والحمراء ولا تستطيع بسهولة أن تقدر فروق درجات الألوان الصفراء ، وكذلك فمن الصعب على عامل " الديكو" عمل ترميم لسيارة باللون الأصفر .
ويريح العين الضوء الموحد خاصة الضوء الأبيض.
·كيف تحس العين بالألوان ؟
يعتقد العلماء أن هناك ثلاثة أنواع من النهايات العصبية الموجودة بشبكية العين ( الأقماع ) وهي :-
×المجموعة الأولي : ذات حساسية خاصة لتأثير الموجات الطويلة أو اللون الأحمر .
×المجموعة الثانية : ذات حساسية خاصة للموجات المتوسطة أو اللون الأخضر .
×المجموعة الثالثة : ذات حساسية خاصة للموجات القصيرة أو اللون البنفسجي .
وعلى هذا فاللون الأحمر يؤثر بقوة على المجموعة الأولي وله تأثير ضعيف على المجموعتين الأخيرتين ، وهكذا كل لون يثير مجموعة أو مجموعات مختلفة من هذه النهايات .
فإذا أمكن إثارة المجموعات الثلاث فى وقت واحد وبنفس القوة نتج الإحساس باللون الأبيض ، وإذا لم تثر هذه المجموعات إطلاقا نتج الإحساس بالأسود .
عمى الألوان
بعض الناس يرون الأجسام بغير ألوانها الطبيعية ، فالألوان الحمراء يرونها سوداء أو الصفراء يرونها أكثر خضرة ومنهم من لا يستطيع التمييز بدقة بين اللونين الأزرق والبنفسجي وهذه العلة وراثية فى الغالب ، وقد تكون مكتسبة بعد بعض أمراض الشبكية والعصب البصري .
والنوع الوراثي :يحدث أكثر فى الذكور ( 3 –4 % من الذكور ) ويندر حدوثه فى الإناث ، وإن كانت العلة تورث بواسطة الإناث إلى الذكور . والعمي الكلي للألوان نادر الحدوث وفيه لا يمكن للشخص تمييز أى لون . فجميع الألوان تبدو له رمادية ولكن ذات بريق مختلف .
أما عمي الألوان الجزئي فأكثر انتشارا وفى أغلب الأحوال لا يستطيع الشخص التمييز بين الألوان الحمراء والخضراء . ومن هنا يتضح خطورة قيام مثل هذا الشخص ببعض الأعمال مثل سائق ، بحار ، طيار ، ولا علاج لهذه العلة سواء طبي أو جراحي …
و لا علاقة بين حدة الإبصار والقدرة على تمييز الألوان …فقد تكون قوة الإبصار 6/6 ولا يمكن تمييز الألوان …كما أن العكس صحيح ، إذ قد تميز الألوان جيداً ويكون البصر ضعيفاً .
الألوان فى الظلام :
لا يمكن للعين أن تميز الألوان فى الظلام …
وعند حلول الظلام ( الغروب مثلاً ، أو خبو الضوء الكهربائي ) …لا يمكن تمييز اللون الأحمر عن الأخضر …ثم تقل قدرة العين على تمييز الألوان الآتية بالترتيب : " البنفسجي ، الأزرق ، الأصفر ثم أخيراً الأخضر ، أى أن اللون الأخضر يعتبر أكثر الألوان وضوحاً أثناء الليل ) بينما اللون الأصفر هو أكثرها وضوحاً أثناء النهار .
واللون الأحمر لا يثير الشبكية المكيفة للرؤية فى الظلام كما أنه لا يثير التفاعلات الكيماوية الحساسة للضوء …
ولذا يستعمل اللون الأحمر فى الحجرات المظلمة الخاصة بتحميض الأفلام الحساسة .
الألوان في القرآن
لقد خلق الله تعالي كل ما فى الكون وسخره لخدمة الإنسان ولتحقيق راحته وهنائه ، وحرصت القدرة الإلهية على أن تكون المخلوقات جميلة مع كونها نافعة ، فيفيد الإنسان وينتفع ، وفى الوقت ذاته يسر بجمال الأشكال وتعدد الألوان …ذلك الجمال الرائع المنبث فى لوحه الكون .
وإذا غفلت عيوننا البشرية عن الالتفات إلى مشاهد الجمال ذكرنا القرآن الكريم بها .
ومن بين آيات الجمال التى يوقفنا القرآن عندها وأمامها كثيراً جمال الألوان .
الألوان ماثلة فى الجبال :-
إنك تجد الجبال ألواناً عدة ، وكان فى مقدرة الخالق سبحانه أن يجعلها لوناً
واحداً ، لكن السرور
البشري يتحقق فى تعدد الألوان ، لذا وجدنا فى الجبال طرائق بيض وحمر وذات ألوان أخرى.
يقول الحق سبحانه وتعالى:
) ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود ( سورة فاطر آية 27
وكلمــة الجــدد : تعني الطرائق ومفردها جدة .
أما الغرابيب السود : فهي الجبال السود الطوال
وعندما ندير أبصارنا من الجبال المتعددة الألوان إلى الجبل الأسود الغربيب أو منه إلى الجبال ذات الألوان المتعددة نستشعر تقابلاً فينبعث السرور كما فى استخدام المقابلة والطباق فى الشعر والأدب .
وهذه الآية تذكر اللون الأبيض واللون الأحمر ، أما بقية الألوان وما أكثرها وما أشد اختلافها وتعددها فيذكرها إيجازاً وتركيزاً قوله تعالي )مختلف ألوانها (
إن فى تعدد ألوان الأحجار وامتزاج أحدها بالآخر لجمالاً يبهر العين تماماً كما تبهرها ألوان الشعب المرجانية فى قاع البحر الأحمر …
والقرآن الكريم يذكر عبارة " مختلف ألونها " بعد قوله تعالي " بيض وحمر " وكان فى هذا إشارة إلى أن اللونين الأساسيين هما الأبيض والأحمر أما ما عداهما من ألوان مختلفة فهي مركبة من هذين اللونين .
oوفي الأنعــــــــام :
فمن تعدد جلود الأنعام يتحقق ذلك الجمال الذى أشارت إليه تلك الآية الكريمة .
)ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون( سورة النحل آيه (6)
ونجد تعدد ألوان الأنعام فى قوله تعالي :-
)ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك( سورة فاطر آيه (28)
أي فيهم الأحمر والأبيض والأسود وغير ذلك وكل هذا – فيما يعبر الإمام القرطبي – دليل على صانع مختار .
وكلمة ( كذلك ) فى الآية السابقة لها دلالتها على تذكير الإنسان بأن تعدد الألوان وراد ليس فى الجبال فحسب ، وإنما فى الكائنات الحية المتميزة بالروح والإحساس ( الناس والدواب والأنعام )
وذكر " الأنعام " بعد " الدواب " من باب عطف الخاص على العام . وإقرار " الأنعام" لأهمية جمال ألوان الأنعام لنا لكونها أكثر من غيرها حضوراً بيننا ، فالأغنام مثلاً فى الحقول أما الثعالب والذئاب والأفيال ففي الغابات وربما تتعذر رؤيتها على كثيرين .
·اللون الأخضر ( لون النباتات والزروع ) :-
نشاهد فى حياتنا اليومية كثيراً من الألوان المختلفة ، لعل أكثرها انتشارا وأعظمها شأناً هو اللون الأخضر الذى يبعث فى نفس الإنسان كثيراً من البهجة والسرور وخصوصاً إذا كان هذا اللون يكسو الأرض فى مساحات شاسعة كما هي الحال فى الحدائق والبساتين و الحقول المترامية الأطراف أو فى الوديان التى تمتد عبر الصحراء حيث تكسوها الأعشاب والنباتات الخضراء بعد هطول الأمطار عليها وهو ما تشير إليه الآية الكريمة التالية :
)ألم تر أن الله أنزل من السماء ماءً فتصبح الأرض مخضرة (
ونقرأ قوله تعالي :
)فأخرجنا منه خضراً نخرج منه حباً متراكباً( سورة الأنعام (99)
قيل الخضر ههنا : الزرع الأخضر ، وشجرة خضراء أى غضه ، وأرض خضرة ويخضور كثيرة الخضرة وخضر الزرع خضراً : نعم وأخضره الري.
oوأفضل الألوان كلها وأشرفها لون الخضرة وذلك لأمرين :
¨الأمـــر الأول :
هو أن الله سبحانه وتعالي وصف فى كتابه العزيز أهل جنته المخصوصين بتقريبه ومزيته بلباس الثياب الخضر . فقال تعالي فى وصفهم )عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق ( سورة الإنسان آيه (21)
وقال سبحانه فى موضع آخر )ويلبسون ثياباً خضراً من سندس وإستبرق( سورة الكهف ( 31)
فلو كان فى الألوان أفضل من الخضرة لوصفهم الله سبحانه بذلك .
¨الأمر الثاني :
ما فى لون الخضرة من تقوية للنظر والزيادة فى حاسة البصر ، وسبب ذلك فيما يقوله أهل الطب أن اللون الأخضر يجمع الروح الباصر جمعاً رفيقاً مستلذا غير عنيف وإن كان اللون الأسود يجمع الباصر أيضاً لكنه يجمعه بعنف واستكراه على ضد ما يجمعه اللون الأخضر .
يقول تعالى : )فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ( النمل آية ( 60 )
يقول صاحب الظلال –رحمه الله –فى تفسير هذه الآية فى الجزء الخامس ص 62252 –الطبعة الحادية عشرة لدار الشروق .
حدائق بهيجة ناضرة حية جميلة مفرحة ……ومنظر الحدائق يبعث فى القلب البهجة والنشاط والحيوية . وتأمل هذه البهجة والجمال الناضر والحى الذى يبعثها كفيل بإحياء القلوب ، وتدبر آثار الإبداع فى الحدائق كفيل بتمجيد الصانع الذى أبدع هذا الجمال العجيب .
وإن تلوين زهرة واحدة وتنسيقها ليعجز عنه أعظم رجال الفنون من البشر . وإن تموج الألوان وتداخل الخطوط وتنظيم الوريقات فى الزهرة الواحدة ليبدو معجزة تتقاصر دونها عبقرية الفن فى القديم والحديث فضلاً عن معجزة الحياة النامية فى الشجر وهى السر الأكبر الذى يعجز عن فهمه البشر .
ويرجع هذا اللون الأخضر الذى ينتشر فى النباتات على اختلاف أنواعها وأشكالها وأحجامها ( وخصوصاً فى أوراقها الخضراء ) إلى مادة كيميائية معقدة التركيب يطلق عليها علماء النبات اسم اليخضور أو الكلوروفيل (Chlorophyll)
وكان المعتقد فى بادئ الأمر أن الكلوروفيل عبارة عن مادة واحدة ولكن وجد بعد تقدم البحوث النباتية وعمل التحليلات الدقيقة أنها تتركب فى واقع الأمر من أربع مواد مختلطة بعضها ببعض وتلك هى (كلوروفيل أ ) و ( كلوروفيل ب) ولونهما أخضر بالإضافة إلى مادتين أخريين وهما ( الكاروتين ) و(الزانثوفيل ) وهما صبغان نباتيان لونهما أصفر .
إن هذا الكلوروفيل المعقد الذى يغلب عليه اللون الأخضر هو أحد المعجزات الحقيقية التى أوجدها الله سبحانه وتعالى فى دنيا النبات إذ أنه يلعب فى تكوين الأغذية النباتية دوراً يفوق كل خيال ، فالنبات على سبيل المثال يمتص من التربة التى يترعرع فيها كمية من الماء كما يمتص ثاني أكسيد الكربون من الهواء الجوى الذى يحيط بنا فى كل مكان .
ومن هاتين المادتين البسيطتين ( الماء وثاني أكسيد الكربون ) يستطيع الكلوروفيل إنتاج المواد الكربوهيدراتية البسيطة أو المعقدة مثل الأنواع المختلفة من السكر ومنها سكر الجلوكوز وسكر الفواكه وسكر القصب وسكر البنجر وأيضاً الأنواع المختلفة من النشا مثل النشا الموجود فى حبوب القمح أو الذرة أو الأرز أو الشوفان أو فى بعض الأجزاء النباتية الأخرى مثل درنات البطاطا والبطاطس وغيرها .
ولا يتم إنتاج مثل هذه المواد الغذائية الهامة إلا فى وجود الأشعة الضوئية ، ويطلق على تلك العملية اسم عملية التمثيل الضوئي Photosynthesis)) .
ويمكن تلخيص تلك العملية فىالمعادلة البسيطة التالية .
ثاني أكسيد الكربون + ماء واد كربوهيدراتية مواد كربوهيدراتية + أكسجين ينتج عنها مركب سكري +أوكسجين
ويعيش الإنسان وكذلك جميع الحيوانات التى تدب على سطح الأرض على تلك المنتجات النباتية التى لا يستطيع أى منها إنتاجها من المواد الخام على الإطلاق كما تفعل النباتات الخضراء ، وبذلك يكون الكلوروفيل هو المادة المنتجة لجميع الأغذية النباتية أو الحيوانية على حدٍ سواء .
وبالإضافة إلى تلك المادة الخضراء ( الكلوروفيل ) تحتوى النباتات على مواد أخري كثيرة لها ألوان متباينة ومنها الصبغ الأزرق والصبغ الأصفر والصبغ الأحمر والصبغ البني وغيرها .
وتشاهد مثل تلك الألوان فى كثير من الأجزاء النباتية وخصوصاً الأزهار والثمار ، كما يتضح من الآية الكريمة : –
) فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها (سورة فاطر آيه ( 27)
oاللون الأصفر:
ورد فى القرآن الكريم السرور – سرور الإنسان – عقب ذكر اللون الأصفر الفاقع على جلد بقرة . قال تعالي :-
)قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين(سورة البقرة آيه (69).
قيل : (فاقع لونها ) شديد الصفرة تكاد من صفرتها تبيض
وقيل صافية اللون ، وهي تسر الناظرين لأنك إذا نظرت إلى جلدها تخيلت أن شعاع الشمس يخرج من جلدها .
وعن اللون الأصفر بصفة عامة وكونه باعثاً للسرور، قال إبن جرير عن ابن عباس : " من لبس نعلا صفراء لم يزل فى سرور ما دام لابسها "
ويرفض المفسرون أن يفهم قول القرآن ( فاقع لونها ) بمعني تسود من صفرتها ويجعلونه قولاً غريبا.
ويري القرطبي أنه لا يستعمل مجازاً إلا فى الإبل .
قال تعالي )كأنه جمالة صفر (سورة المرسلات آيه ( 33)
وذلك أن السود من الإبل سوادها صفرة ، ولو أراد سبحانه وتعالي السواد فى حديثة عن البقرة – لما أكده بالفقوع فالفقوع نعت أو صفة مختص بالصفرة ولا يوصف به السواد
تقول العرب: أسود حالك وحلكوك ودجوجي غربيب وأحمر قانيوأخضرناضر وأبيض ناصع وساطع وأصفر فاقع .
ويقول الكسائي . فقع لونها إذا خلصت صفرته .
oوقد ذكر القرطبي :
قال ابن عباس "الصفرة تسر النفس" ، وحض على لباس النعال الصفر حكاه عنه النقاش ، وقال على بن أبي طالب رضي الله عنه : من لبس نعلي جلد أصفر قل همه لأن الله تعالي يقول : )صفراء فاقع لونها تسر الناظرين (حكاه عن الثعلبي
ونهي ابن الزبير ومحمد بن أبي كثير عن لباس النعال السود لأنها تهم ( أي تبعث الهم فى النفس )
ولا غرابة فى نهي ابن الزبير وابن كثير عن لبس النعال السوداء ولا فى حث ابن عباس وعلي ابن أبي طالب رضي الله عنه على لبس النعل الأصفر ، فقد غدت دراسة الألوان والتأثير الخاص بكل لون على النفس ، ودراسة وتشخيص النفوس من واقع اهتمامها الفعلي وإحساسها بالألوان وحب ألوان معينة غدا هذا أمراً معروفا فى عصرنا ، والمحك عند القدماء والمحدثين كليهما هو التجربة والنظر أحوال النفس ونفوس الآخرين فى حالات متعددة ثم تقرير نتائج وأحكام ، فلا يجب أن نرفض حكماً قديماً لمجرد كونه قديماً أو نصفق لجديد لمجرد كونه جديداً ، وإنما نعود – مثلاً – إلي تجاربنا الخاصة ونحكم عقولنا ونحتكم إلى أذواقنا .
قال لبيد فى الأصفر الفاقع:
سدم قديم عهده بأنيسه من بين أصفر فاقع ودخان
لقد كان أسلافنا أهل ذوق رفيع ، فها هو الشيخ شرف الدين أبو نصر محمد بن أبي الفتوح البغدادي وشهرته ( ابن المرة ) فى كتابه ( مفرح النفس ) وفي باب جعل له عنواناً : فى اللذة المكتسبة للنفس عن طريق حاسة البصر يقول : ( النفس تبتهج بما كان من الأجسام له اللون الأحمر والأخضر والأصفر إما بسيطاً أو مركباً بعضها من بعض فنظر هذه يوجب راحة النفس ولذة القلب وسرور العقل ونشاط الذهن وتوفر القوي وانبساط الروح ……
وأنظر إلى حكمته – سبحانه – كيف جعل هذه الألوان الأربعة المذكورة – أعني الأصفر والأبيض والأحمر والأخضر فى أعظم الأجساد وأشرفها وأبهجها وأحسنها منظراً وهي الذهب الأصفر واللؤلؤ الأبيض والزمرد الأخضر والياقوت الأحمر ، ولم يجعل شيئاً من الأحجار أعز منها ولا أشرف ، وجعل غاية كل واحد منها أن يكون بهذا اللون المذكور )فتبارك الله أحسن الخالقين (.( نقلا عن بشر فارس ((سر الزخرفة الإسلامية ))
مصادر يمكن الرجوع إليها
(1) أسرار العيون –المكتبة الطبية –د. محمود مصطفي –مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر –بيروت –لبنان .
(2) المجلة العربية ( السعودية ) عدد مارس 1985 .
(3) مجلة " هو وهي " المصرية العدد (190) السنة السادسة عشرة .
(4) مجلة ( العلم) المصرية العدد ( 281 ) فبراير 2000 .
(5) مجلة ( الكويت ) الكويتية العدد (149 ) شوال 1416 هـ –مارس 1999م
(6) مجلة ( طبيبك الخاص ) عدد ( أبريل / نيسان 1998م )
(7) مجلة ( الأهرام العربي ) المصرية – أحد الأعداد .
(8) مجلة ( المنهل ) السعودية العدد ( 520) المجلة 56 العام 60 رجب –شعبان 1415 –ديسمبر –يناير 1995م .
بس ياريت لو يكون فييه المحتوياات كامله مثل المقدمه وهيك ^^وربي يعطيكـ الف عافيهـ ^^
يزاك الله خير
بالتوفيق