السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
صدأ (تآكل) المعادن و طرق مقاومته
(Corrosion and Protection)
المقدمــــــــــة :-
كثيرا ما نلاحظ أن الأسطح المعدنية ، وهياكل السيرات ، أنه يطرأ عليها تغير كيميائي ، حيث تصبح هشة خشنة الملمس ، ويحتم علينا استبدالها أو معالجتها قريبا ، فما الذي يحدث هذا التغير ؟ وكيف يحدث ؟ وما طرق مقاومته ؟
سنتناول في هذا التقرير :- طبيعة الصدأ ، أنواع التآكل بالصدأ ، طرق حماية المعادن من الصدأ .
المــــوضوع :-
1. طبيعة الصدأ (التآكل)
يتآكل سطح المعادن الموجودة في حالة تفاعل كيميائي او كهروكيميائي مع الوسط الخارجي , و يسمى هذا التآكل بالصدأ.
و يسبب الصدأ خسائر جسيمة في الاقتصاد العالمي , تقدر بالميارات سنويا, إذ يدمر كمية ضخمة من المنشآت و الماكينات المعدنية. و لمقاومة الصدأ يجب معرفة أسبابه و الوسائل المجدية لمقاومته.
وهناك نوعان من الصدأ : – الصدأ الكيميائي و – الكهروكيميائي.
الصدأ الكيميائي : و يحدث بسبب تفاعل المعدن مع الغازات الجافة و السوائل العازلة دون ظهور تيار كهربائي.
مثل تأكسد صمامات العادم بمحركات الاحتراق الداخلي و مواسير العادم و غرف الاحتراق بالمواقد و الوصلات الداخلية الميكانيكية في الافران و المحركات.
الصدأ الكهروكيميائي : و ينشأ نتيجة لظهور التيار الكهربائي نتيجة للتفاعل بين المعدن و الالكترونات المحيطة به مثل صدأ حديد الزهر و غيرهما من السبائك في الجو الرطب و في الماء العذب و ماء البحر و الاحماض و القلويات و المحاليل الملحية و في الارض.
تتكون الشبكة البلورية للمعدن من ايونات موجبة الشحنة (كاتيونات) موجودة في اركان الشبكة البلورية و الالكترونات الحرة المتحركة في المعدن كله. و يمكن ان تنفصل الكاتيونات عن سطح المعدن و ان تنتقل الى الوسط المجاور – الالكتروليت . و يسمى فرق الجهد المتكون عند سطح تلامس المعدن مع الالكتروليت و هو الدال على ميل المعدن للذوبان بالجهد القطبي. و تتوقف قيمته اساسًا على تركيب الالكتروليت.
و يحدد الجهد القطبي للمعادن تجريبيا بمقارنته بجهد الهيدروجين و هو المعتبر مساويا للصفر.
و المعادن تختلف بالجهد القطبي فهناك معادن سالبة الجهد و أخرى موجبة مقارنتا بقطب الهيدروجيني (الالكترود).
المعادن ذات الجهد الموجب (فوق صفر الهيدروجين) قابليتها للصدأ قليلة و المعادن ذات الجهد السالب (تحت صفر الهيدروجين) تكون اكثر قابلية للصدأ كلما كان جهدها سالب.
و المعادن النقية و السبائك الوحيدة الطور تقاوم الصدأ جيدا. اما السبائك التي تتكون بنيتها من عدة أطوار ذات جهود مختلفة فهي عبارة عن عمود كهربائي متناهي الصغر كثير الأقطاب, و لذا فهي سهلة الصدأ. و تكون الأجزاء المصنوعة من عدة مواد معدنية مختلفة الجهود عمودا كهربائيا متناهي في الصغر فيصبح المعدن المنخفض الجهد مصعدا anode , و يتآكل, في حين لا يتآكل المعدن ذو الجهد إلاعلى لقيامه بدور المهبط cathode.
فعلا سبيل المثال عند تلامس الحديد مع الزنك (طلاء الحديد بالزنك) , يتآكل الزنك (اي هو الذي يحدث له صدأ) أي أنه يكون المصعد anode في حين لا يتآكل الحديد لأنه يكون مهبط cathode.
و في مثال آخر عند تلامس القصدير مع الحديد (طلاء الحديد بالقصدير) فإن الحديد يتآكل
(أي يصدأ) يكون مصعد anode. أما القصدير فصبح مهبط و لا يتآكل.
و يمكن أن يكون المعدن إيجابيا أو سلبيا بالنسبة لتأثير الوسط و تتحدد إيجابية المعدن بتآكله في وسط الصدأ كتآكل الحديد في وسط مؤكسد عند درجات الحرارة العالية.
في بعض من المعادن مثل الألمنيوم و الكروم عن حصول الأكسد تتكون طبقة من الأكاسيد تعمل على حماية المعدن من استمرارية التآكل.
2- أنواع التآكل بالصدأ
يمكن تقسيم التآكل بالصدأ إلى ثلاث مجموعات رئيسية : الصدأ المنتظم , و الصدأ المكاني و الصدأ بين البلوري.
أ – الصدأ المنتظم : و تبدو مظاهره في تآكل منتظم للمعدن على كل سطحه, و يحدث هذا النوع في المعادن أو السبائك ذات البنية الوحيدة الطور (المعادن النقية, و المحاليل الصلبة و المركبات الكيميائية).
ب – الصدأ المكاني : و يتآكل أثناءه المعدن في اماكن متفرقة من السطح, و يلاحظ حدوث هذا النوع من الصدأ بالسبائك الكثيرة الأطوار ذات البنية الخشنة كما يحدث بالسبائك الوحيدة الطور و المعادن النقية عند تدمير الغلاف الواقي . و تسبب الخدوش و الحزوز السطحية صدأ مكاني, اذ تتكون في هذه الأماكن ظروف مناسبة لتكون الأعمدة الكهربائية المتناهية في الصغر.
جـ – الصدأ بين البلوري : و يتميز بانتشار الصدأ على حدود الحبيبات grain boundaries, و يرجع السبب في ذلك إلى أن جهد حدود الحبيبات أقل (مصعد) و جهد الحبيبات أعلى (مهبط). و هذا النوع من الصدأ هو أكثر الأنواع خطوا لأنه ينتشر في أعماق المعدن ولا يسبب أي تغير ملموس على السطح. و تتعرض لهذا النوع من الصدأ أنواع الصلب النيكل الكرومية و سبائك الألمنيوم , و هي التي يمكن أن تفرز أطوارا منتشرة.
3- طرق حماية المعادن من الصدأ
تستعمل في الصناعة طرق مختلفة لحماية المصنوعات و المنشآت المعدنية مثل الجسور و ناطحات الساحب و السفن و غيرها، من الصدأ حسب أسباب حدوث الصدأ و ظروفه. و يمكن تقسيم كل طرق مقاومة الصدأ الى المجموعات التالية:
أ – و قاية المعادن من الصدأ بإضافة عناصر سبيكية :
و تتلخص في إضافة عناصر إلى السبيكة مثل الكروم و النيكل إلى الفولاذ لتشكيل الستانليسستيل stainless steel و تمنع هذه العناصر الصدأ أو تقلله.
ب – الأغلفة الأكسيدية :
و يحصل عليها على سطح الأجزاء المعدنية بالأكسدة أو الفسفتة , و تقي المعدن من الصدأ بشكل جيدا. و تجرى الأكسدة في عوامل مؤكسدة قوية مثل المحلول المائي للصودا الكاوية او املاح اخرى. و طريقة الأكسدة عادة تؤكسد المشغولات المصنوعة من الألمنيوم لأن طبقة الأكسد في الألمنيوم تشكل مانع و حامي جيد من الصدأ بما يسمى عملية anodizing.
و تجرى الفسفتة في محاليل ساخنة من الفوسفاتات الحامضية للحديد و المنجنيز و تعتبر الطبقة الأكسيدية و الفوسفاتية قاعدة جدية للتشحيم الواقي و للطلاء و إعطاء الألوان للمنتجات.
ج – الوقاية بمعاملة الوسط الخارجي :
و تتلخص هذه الوقاية إما في إزالة المركبات الضارة التي تسبب الصدأ (كأن يزال الاكسجين من الماء لمنع الصدأ). أو أن يضاف إلى الماء عامل يقلل من فعاليته و هو الكروميك- بايكرومات البوتاسيوم K2Cr2O7 نسبته 0.5% . تستعمل هذه الطريقة في نظام التبريد بمحركات الاحتراق الداخلي و يمنع هذا حدوث الصدأ عمليا.
د – الوقاية بالطلاء بالمعادن :
و تستعمل على نطاق واسع في الصناعة و يجب أن نميز بين نوعين من أنواع الوقاية – المهبطية و المصعدية.
عند الوقاية المهبطية :
يكون جهد معدن التغطية أعلى من جهد المعدن الأساسي . و شروط الوقاية أن تكون التغطية كثيفة غير مسامية. و يسبب و ينشأ عن عدم تحقق هذا الشرط (كحدوث خدوش مثلا) صدأ في هذه المناطق , إذ أن المعدن الأساسي (المحمي) يكون مصعدا في الازدواج الجلفاني المتكون و يتآكل.
الوقاية المصعدية :
و بها يكون جهد معدن التغطية أقل من جهد المعدن الأساسي . و تحمي التغطية المعدن كهروكيميائيا . إذ أن المعدن الأساسي سيقوم بدور المهبط عند تكون ازدواج جلفاني , و يقوم معدن التغطية بدور المصعد و يتآكل.
ومن التغطيات المهبطية للحديد و الصلب القصدير و الرصاص و النحاس و النيكل, و من التغطيات المصعدية الزنك و الألمنيوم و الكالسيوم و البوتاسيوم.
و تستعمل في الصناعة طرق مختلفة للتغطية بالمعدن كغمره في المعدن المنصهر و التغطية الجلفانية و التغطية الإنتشارية و التغطية بالنثر و طريقة تكوين طبقة على سطح المعدن.
الطريقة الجلفانية للتغطية : و بها يعلق الجزء بصفة مهبط في حمام إلكتروليتي من محلول مائي لأحد أملاح المعدن المرسب. و الخواص الواقية للتغطية الجلفانية جيدة في حين أنها بسيطة التكنولوجيا.
التغطية الانتشارية : للمصنوعات المعدنية و تجرى بواسطة الطلاء بالألمنيوم أو الطلاء بالكروم أو التغطية بالكروم أو النتردة. و تخلق طبقة واقية تحمي المعدن الداخلي من الصدأ.
التغطية بطريقة النثر : و تتلخص في نثر المعدن المصهور بواسطة الهواء المضغوط من جهاز خاص (يسمى المذرر اي يسبب التذرية لدقائق المعدن المنصهر) على سطح المعدن الأساسي الذي ينظف قبل عملية الرش. و يغذى الجهاز بالمعدن على شكل سلك يصهر بلهب غازي او بقوس كهربائي ,او يغذى على شكل مسحوق. و تكون التغطية بهذه الطريقة مسامية و هي لذا اقل جودة من التغطية الجلفانية. و يغطى بهذه الطريقة صناعيا الصلب- بالزنك و الكادميوم و سبائكهما.
التغطية بطريقة ضغط طبقة واقية: و تتلخص في إيجاد طبقة على المعدن من معدن آخر يكون غلافا متينا واقيا. و عادة يغطى الحديد بالنحاس الغير قابل للصدأ.
هـ -الوقاية بالتغطية غير المعدنية :
أي بطلاء سطح الجزء المعدني بالطلاء أو الدهانات البلاستيكية أو العضوية و تستعمل على نطاق واسع نظرا لكونها في متناول اليد و لبساطتها. و أكثر أنواع الطلاء انتشارا طلاء الزيت و الميناء والكلاكيه. و عيوب التغطية بالطلاء هو تشقق طبقة الطلاء و تمريرها للرطوبة.
و – الوقاية الكهربائية :
و تستعمل في نطاق واسع لحماية الخزانات و الأنابيب (أنابيب النفط أو الغاز) و الجسور الحديدية و أيضا عن أنواع الفولاذ عن معاملتها حراريا في حمامات ملحية.
و تتلخص الوقاية الكهربائية في أن الجزء الذي تراد وقايته يوصل إلى القطب السالب – مهبط – بشبكه بتيار مستمر يغذى من مولد أو بطارية و توصل بالمصعد صفيحة حديدة أو قطع رصاص تستهلك من وقت لآخر.
ز – الوقاية بالمعدن الواقي :
و تتلخص في أن المنشأة توصل بقطعة من المعدن أو السبيكة (الواقي) ذى جهد كهربائي سالب أعلى في الوسط الذي توجد به من جهد المنشأة المراد و قايتها. الواقي سيصبح مصعد و أنه يتآكل في حين تحفظ المنشأة التي ستصبح مهبطا من التآكل. و تستعمل هذه الطريقة في حماية السفن و المنشآت التي تعمل في ماء البحر و مواسير الماء الموضوع في التربة و الجزء السفلي من السفن و الطائرات المائية و الطلمبات و غيرها.
ترتفع معدلات صدأ الحديد الكيميائي في الماء او الجو الرطب و يطلق عليها اسم التأكسد لأن الناتج هو أكسيد الحديد . هناك تفاعلات أخرى لكل المعادن فكل معدن يكون أكسيد لكن خصائص هذه الطبقة تختلف من معدن إلى آخر فمثلا طبقة أكسيد الألمنيوم تحمي الألمنيوم من الصدأ المتواصل.
أما بالنسبة للنوع الثاني من الصدأ (الكهروكيميائي) فمعادلاته تماما مثل معادلات التأكسد و الاختزال في الخلية الجلفانية.
Fe (s) —>Fe+2 + 2 e
-½ O2 (g) + H2O (l) + 2 e- —> 2 OH
(Fe+2 + ½ O2 (g) + H2O (l) —–> Fe (OH)2 (s
Fe (OH)2 (s) + ½ O2 (g) —–> Fe2O3 (s) + 2H2O
الخــــــاتمة :-
لا يمكن للبشرية أن تستغني عن المعادن رغم أنها لا تدوم طويلا وقد تسبب العديد من الأضرار الصحية والإنشائية وغيرها الكثير ، مما دعا العلماء إلى التوصل إلى هذه الطرق للحماية من تآكل المعادن والتقليل من خطر تآكلها وتفاديه …
التوصيــات :-
1- يجب صيانة الصناعات المعدنية صيانة دورية .
2- يجب التأكد من أن المعدن الذي تصنع منه أدوات الطبخ محمي جيدا ضد التأكسد
المــراجع :-
1- مكتبة الأسرة في الكيمياء ((الجزء الأول(( تأليف ((عاطف منصور )) عام 1993 / الباب الثامن
2- الكيمياء التحليلية ((عادل احمد الجرار ))
م/ن
شكراً لج
شٌكُرأ لجٌ