تخطى إلى المحتوى

بحث عن حفظ العقل في الشريعه الاسلاميه للصف الثاني عشر 2024.

  • بواسطة

السلام عليكم

لو سمحتو الي عنده بحث عن حفظ العقل في الشريعه الاسلاميه والمقدمه وموضووع .الخ الخاتمه

لا يبخل علي بليز ابي ضروووري

فدااعة الله

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

تفضلي اختي هذي معلومات وااايد مفيده
والباقي عليج
ما عليج غير انج تسوي مقدمه وخاتمه

العقل : لغة (العلم بصفات الأشياء من حسنها وقبحها وكمالها ونقصانها، أو العلم بخير الخيرين وشر الشرين… والحق : أنه نور روحاني، به تُدرِك النفس العلوم الضرورية والنظرية، وابتداء وجوده عند اجتنان الولد، ثم لا يزال ينمو إلى أن يكمل عند البلوغ).

والعقل : مصدر : ما يقابل الغريزة التي لا اختيار لها، أو : ما يكون به التفكير، والاستدلال وتركيب التصورات والتصديقات… والعقل الغريزي عند الشافعية : هو ما يترتب عليه التكليف، والعقل المكتسب عندهم : هو ما به حُسْن التصرف

والعقل لغة : المنع، لأنه يمنع صاحبه من العدول عن سواء السبيل

واصطلاحاً : اختلف فيه كالروح، وأن الخلاف الذي هو في الروح هو عين الخلاف الذي هو في العقل. قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله هو غريزة يُتهيَّأ بها لدرك العلوم النظرية، وكأنه نور يقذف في القلب. أي : فمحله القلب، ونوره في الدماغ كما ذهب إليه الإمامان مالك والشافعي رضي الله عنهما – وجمهور المتكلمين …. وقال بعضهم : الروح والنفس والعقل متحدة بالذات مختلفة بالاعتبار، فمن حيث قوام البدن بها تسمى روحاً، ومن حيث ميلها للشهوات والحظوظ تسمى : نفساً، ومن حيث إدراكها العلوم والمعارف والنظر في عواقب الأمور تسمى عقلاً).

(والعقل خمسة أنواع :

الأول : غريزيّ : وهو غريزة يُتهيَّأ بها لدرك العلوم النظرية.

الثاني : كسبي : وهو ما يكتسبه الإنسان من معاشر العقلاء.

الثالث : عطائي : وهو ما يعطيه الله للمؤمنين، ليهتدوا به إلى الإيمان.

الرابع : عقل الزهاد : وهو الذي يكون به الزهد.

الخامس : شرفيّ : وهو عقل نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم لأنه أشرف العقول).

وقيل : العقل : نور يضيء به طريق يبتدأ به من حيث ينتهي إليه درك الحواس فيبتدي المطلوب للقلب،أي : نور يحصل بإشراف العقل الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم أنه من أوائل المخلوقات).

فالحاصل أنهم ذكروا للعقل معانٍ كثيرة جداً واختلفوا في ذلك اختلافاً كبيراً ليس هذا مكان ذكرها، وإنما أردنا بديئاً أن نذكر لمحة موجزة عن العقل وما قيل فيه.

قال أمير المؤمنين علي رصي الله عنه العقل عقلان : مطبوع، ومسموع، ولا ينفع مسموع إذا لم يك مطبوع، كما لا ينفع ضوء الشمس، وضوء العين ممنوع.

وإلى الأول أشار صلى الله عليه وسلم بقوله : "ما خلق الله خلقاً أكرم عليه من العقل". وإلى الثاني – وهو المسموع – أشار بقوله : "ما كسب أحد شيئاً أفضل من عقل يهديه إلى هدى أو يرّده عن ردى" وهذا العقل هو المعني بقوله عز وجل : {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ } [العنكبوت : 43]).

وللعقل أهمية بالغة لا تخفى على ذي لب بصير، لأن الإنسان إنما ميزه الله تعالى وفضله على غيره من الحيوانات والجمادات إنما هو بالعقل، لأن العقل يسوق صاحبه إلى الخير والرشاد ولذلك يطلق على الإنسان الحكيم العارف اسم العاقل، فللعقل أهمية كبرى وفضيلة عظمى. ومن أهمية العقل أيضاً تحريم الله تعالى كل ما يذهبه، ويؤدي إلى خرابه، لان الإنسان إذا فقد عقله فقد حياته، إذ سر الحياة منوط بوجود العقل وسلامته، حتى انه تعالى في القرآن العظيم قال عن أكثر الأمور أنه لا يدركها ولا يعلمها إلا أهل العقول، وليس تحريم الخمر وغيره من الأمور المذهبة للعقل إلا محض مصلحة لنا. لأنه تعالى ليس بحاجة من ذلك التحريم إلى نفع يحصل عليه ولا إلى شر يتقيه، فسبحانه هو الغني عن الخلائق كلها لا تضره معاصيهم ولا تنفعه طاعتهم. وإنما الأحكام الشرعية – كما هو مقرر – مصالحها تعود على العباد وجاءت دارءة للمفاسد عنهم.

والله تعالى قد هيأ العقول لتكون للعباد أداة من أدوات الإدراك، والفهم، والنظر، والتلقي والموازنة، فتنطلق في الكون سعياً لتسخيره وعمارته وإصلاحه وفق ما سنه الله تعالى من سنن ونواميس تحقيقاً لمعنى الخلافة، مهتدياً بنور الوحي ومقاصد الشريعة.

وكثيراً ما يدعوا القرآن إلى النظر العقلي، والتفكر، والتدبر، ويأمر بالنظر في الأكوان واستخراج أسرارها.

والعقل أشرف المخلوقات، وأخطر من كل خطير، وهو حجة للتوحيد كالسمع والدليل على ذلك قوله تعالى : {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك : 10].

وهو محل معرفة الإله، مناط خطابه وتكاليفه، ويتوصل به إلى مصالح الدنيا ومفاسدها ويجب أن ينضبط العقل بضوابط تقيه من الزلل والانحراف منها :

– الحذر من إتباع الهوى عند البحث عن المصالح، قال تعالى : {يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ} [البقرة : 269] وهم من خلصت عقولهم عن شوائب الهوى وآفة العقول.

– والحذر من أحادية المعرفة عند البحث عن المصالح، وضرورة أن تكون معرفة الدنيا والآخرة ماثلة أمام عيني الباحث، دليل ذلك قوله تعالى {يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } [الروم : 7]. ولولا العقل لما كانت التكاليف إذ إنه أُسَّ الفضائل، وأصل الدين وعماد الدنيا، فالقرآن يمد العقل مَدَّ الزيت للمصباح.

فمن اتبع ما أناره له العقل الصحيح نجا وفاز، ومن عاج عنه هلك وأهلك.

ويكفيك من منفعة العقل أنه يهديك إلى صدق النبي صلى الله عليه وسلم وآله، ويفهمك موارد إشارته. قال الشاعر :

وأفضل قسم للمرء عقلُه — فليس من الخيرات شيء يقاربه

إذا كَمّل الرحمن للمرء عقلَه — فقد كملت أخلاقه ومآربه

وللعقل دور كبير في حياة الإنسان ما ينفعه ويفسده، وليس معنى هذا أن المعول عليه في إيجاد المصالح ودرء المفاسد هو العقل، ولا يعني هذا أيضاً أن العقل لا دخل له فيها، بل للعقل أثر في ذلك، إلا أنه لم يكن لم يكن معتمداً عليه غالباً، لما لهوى من تحكم في عقول البشر فيرى مصلحته الآتية هي خير له، وربما هي شر له ولغيره، لذلك لم يكن الاعتماد عليه كل الاعتماد، أما من عَقَل عقله عن الهوى، وحجبه عن إتباع الشهوات ووجه إلى الفضائل والخيرات، فهذا العقل يدرك المفاسد والمصالح على حقيقتها.

والأحكام الشرعية التي كتبها الله تعالى علينا، بعضها لا يدرك بالعقل، فلذلك لا يجوز له أن يحكم فيها، أو أن يغيرها حسب ما يشتهي، والعقل ربما يدرك حكمة بعض التشريعات وربما لا يدركها، فما عليه إلا أن يسلم في كلا الحالتين للبارئ الذي خلقه، وذاك هو الإيمان الحق. ألا يثرى أن بعض الكفار قبل بعثة النبي المكرم صلى الله عليه وآله وسلم منهم من لم يكن يشرب الخمرة ولم يعبد الأصنام ولم يقتل ولم يزني، أدرك ذلك بعقله المستقيم، أن هذه الأشياء لا تليق بذي لب، وأنها تؤدي بالإنسان إلى السوء والمفاسد والمظلمة.

فلذلك الإسلام لم يهمل العقل ودعه جانباً، بل هو إذ يعتمد العقل سبيلاً إلى درك الحقائق في الكون، والإنسان، والسنن الإلهية الثابتة، أساساً للعقائد، وتكويناً للقناعة بحقيقتها ما ينهض بالأصالة والذاتية، ثقة منه بأحكامه في أعظم قضاياه، فَلأَن يعتمده فيما عدا ذلك من حقائق العلم، مقررات التشريع العلمي، والتصرف فيها اجتهاداً وتطبيقاً من باب أولى .

وللعلماء في هذا المجال كلام طويل، وخلاف، وآراء، ولا يليق بهذا المختصر ذكرها، وإنما أردنا التنويه بهذه الفكرة، لما لعالم في هذا الزمان من، قيل وقال، تجاه الإسلام وأحكامه، فمن أراد التوسع في هذا فليرجع إلى مواردها، المقررة في علم أصول الفقه وغيره.

ومن الآيات التي وردت في القرآن الكريم تحدث عن العقل :

قوله تعالى : {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة : 73].

وقوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران : 118].

وقوله تعالى تحدثاً عن سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما خاصمه قومه : {أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الأنبياء : 67]

وقوله عز شأنه : {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ } [العنكبوت : 43]

وقوله سبحانه : {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابَّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ} [الأنفال : 22] عندما عطلوا عقولهم ووضعوها جانباً، واتخذوا أهواءهم وشهواتهم آلهة تسيرهم، جعلهم الله تعالى أسوأ وأشر الخلائق حتى إن البهائم أفضل منهم.

ومما ورد عن النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم في ذكر العقل : ما رواه ابن المنتفق عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له : ثنتان أسألك عنهما ما ينجيني من النار وما يدخلني الجنة قال… ثم أقبل عليَّ بوجهه، قال : (لئن كنت أوجزت في المسألة، لقد أعظمت وأطولت، فاعقل عني إذاً، اعبد الله ولا تشرك به شيئاً…. ) الحديث. ودليلنا بإيراده هو قول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم له : فاعقل عني. نبهه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أن يسمع منه بتعقل وتدبر لكي يفهم الأمر ويدركه بعقل واعٍ، حتى يسير في عبادته على أكمل وأحسن وجه. والله أعلم.

وقال صلى الله عليه وسلم وآله : "كرم الرجل دينه، ومروءته عقله، وحسبه خلقه" فالنبي صلى الله ليه وآله وسلم أخبر بأن الرجل على قدر عقله، ممن كمل عقله كملت مروءته.

وقال عباد بن عباد الخواص الشامي: اعقلوا والعقل نعمة فرب ذي عقل قد شغل قلبه بالتعمق فيما هو عليه ضرر عن الانتفاع بما يحتاج إليه"…. ومن فضل عقل المرء ترك النظر فيما لا نظر فيه حتى يكون فضل عقله وبالاً عليه في ترك مناقشة من هو دونه في الأعمال الصالحة.

وللعقل الدور الأكبر في تسيير المرء إلى أقوم الأفعال، وتسيير العالم إلى قمم الحضارة والتقدم، فكل الذي نراه في زماننا هذا من التطور والاختراعات والإبداعات إنما هي بإبداع من العقل وبتفكير منه، فكلما أعمل الإنسان عقله أبدع وأنتج ما لم ينتجه غيره.

وقد برع العقل الإسلامي في ميادين كثيرة، منها علم الجبر الذي ابتكره المسلمون من عدم، وما يزال هذا العلم يحمل اسمه العربي. وقد أبدع المسلمون أيضاً في علم الفلسفة ونشطوا فيه وازدادوا وأفادوا. كل ذلك من ثمرة العقل الذي أودعه الله تعالى في الإنسان.

فلعلم الإسلام بهذه النقاط وهي أن العقل أمر هام في حياة الإنسان لم يهمل العقل ويوقفه بل اعتمده وأيده، فلو تتبعنا في القرآن الكريم ما تضمنه من آيات تشيد بالعقل والفكر والعلم والتدبر وما يدخل في نطاقها لوجدناها غريزة جداً حتى العبادة جعلها الإسلام مرتبطة بالعقل فبقدر عقله تكون عبادته ). فالصلاة مثلاً ليس للإنسان منها إلا ما عقل، وخشع وهو واقف بين يدي ربه جل وعلا. قراءة القرآن أيضاً ليست نافعة إلا ما تدبر الإنسان به وفهمه، وإلا كان القرآن يلعنه ولم يجاوز تراقيه كما أخبر بذلك النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، لأنه يقرأ الحرام ويفعله ويقرأ الواجب ويتركه، فأين عقله وفهمه، فلو كان له عقل وتدبر وفهم في آيات الله لامتنع عن الحرام، ولالتزم ما أُمر به.

وهناك أمر هام يحسن بنا في هذا المقام أن تعالجهن لكثرة ما أثاروا الجدال حوله، وظن الحاقدون أن لهم متمسك به للطعن بالإسلام عطل العقل ومشى ضده في أحكامه وتشريعاته؟

بالطبع لا ومما سبق ذكره وبيانه، في أن الإسلام باستخدام العقل وذم من أهمله خير مجيب على تلك الشبهة الزائفة، وأعظم دليل على ذلك قوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف : 179]

أعطاهم الله القلب ليتفكروا ولينظروا فأهملوه وأعطاهم العين لينظروا بها إلى آيات الله العظام فأهملوها، وأعطاهم الله السمع ليسمعوا آياته ويعتبروا ويتفكروا ولكنهم يعرضون ويصدون، فهؤلاء الذين ذرأهم الله تعالى لجهنم، لمّا عطلوا هذه النعم التي أعطاهم الله إياها، كانوا كالأنعام وكالبهائم التي لا تفقه ما يقال لها ولا نقهم ما أبصرته لما يصلح ولما لا يصلح، ولا تعقل بقلوبها الخير والشر، فتميز بينهما، بل هؤلاء أشد ذهاباً عن الحق، وألزم لطريق الباطل، من البهائم، لأن البهائم لا اختيار لها ولا تميز، وإنما هي مسخرة، ومع ذلك تهرب من المضار، وتطلب لأنفسها من الغذاء الأصلح، والذين وصف الله صفتهم في هذه الآية، مع ما أعطوا من الإفهام والعقول المميزة بين المصالح والمفاسد، تترك ما فيه صلاح دنياها وآخرتها، وتطلب ما فيه مفاسدها، فالبهائم منها أسدُّ وأقوم، وهم منها أضلّ .

والذين يلغون عقولهم وينظرون إلى الأمور بعقول غيرهم، ولا يتفكرون ولا يعتبرون، فقد حكم عليهم القرآن الكريم بأنهم صم بكم عمي فهم لا يعقلون.

وما هذه الشبهة إلا وبالاً على المتمسكين بها، وطعناً فيهم، لأن القرآن الكريم وسيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مليئة بالطعن بهؤلاء الذين يهملون عقوله، ألا كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه الكرام، ففي الحرب استشارهم وأخذ برأيهم وفي الأسرى استشارهم وطلب منهم الإدلاء بالرأي والفكرة، وهكذا في أكثر أموره صلى الله عليه وسلم، فلم يجعلهم جماداً يفعلون دون تفكير ويمشون دون وعي أو حكمة.

وما حرم الإسلام الخمرة وغيرها من المسكرات إلا لكونها تذهب العقل وتلحق الإنسان بالبهائم التي لا عقل لها، وتؤدي به إلى الهلاك.

ولنذكر هنا بإيجاز نظرة الطب إلى الخمر وآثارها، لكي نزداد يقيناً بعظمة ديننا الذي لا يأمرنا إلا بما فيه مصلحتنا آجلاً أو عاجلاً، ويدرء عنا كل ما فيه مفسدة لنا ومضرة آجلاً أو عاجلاً.

يقول الأطباء: إن تناول الكحول يؤدي إلى إتلاف الجسم، فهو يخرش الأعصاب الحسية أثناء عبوره إلى المعدة ويؤدي إلى هيجان مؤقت، وإن مكث الكحول لمدة طويلة في المعدة يؤدي إلى تخريشها، وإن تحول الكحول في البدن يؤدي إلى انتشار حرارة تُستَهلك على حساب المواد السكرية والشحمية، وتسمى هذه الحرارة عند العلماء بالحرارة المعطلة لأنها تمنع من استهلاك المواد السكرية والدسمة، وهكذا نرى الأشخاص المدمنين يصبحون قليلي الشهية للطعام ويتعرضون لسوء التغذية، والبعض عندما يتناول الكحول يصبح معهم تشنج في الفتحة البولية التي تفصل المعدة عن الأمعاء الدقيقة وبالتالي يؤدي إلى الإقياءات المباشرة. وأيضاً ينجم عن ذلك أن المدمنين على الشرب معرضون لتشمع الكبد، والإصابة بالآفات النفسية الغولية {1}، والتعرض أكثر من غيرهم للإصابة بالسل وسرطان المجاري التنفسية، مما يؤدي إلى ارتفاع الوفيات بشكل مخيف، وفي فرنسا مثلاً تشير الإحصائيات إلى وفاة ما يزيد عن (30.000) شخص سنوياً بنتيجة تعاطي المشروبات الكحولية. ويؤثر الكحول في الادرينالين {2}، ويؤثر أيضاً على استقلاب السيروتونين {3} الذي يلعب دوراً هاماً في بعض الأعمال العصبية والوعائية.

ومما لا شك فيه أن تأثير الكحول في الدم ينعكس مباشرة على الدماغ، ويزيد من لزوجة الدم بتأثيره على الكريات الحمراء، مما يؤدي إلى اضطراب هام في تروية الأنسجة، ينجم عنه إحساس بالاختناق، والدماغ يتأثر جداً بالحرمان من الأوكسجين، فيقوم باستهلاك جميع المخزون منه أكثر من بقية الأعضاء، ويؤثر بالتالي بالاضطرابات الدموية، وتناول الكحول يساعد في تعطيل الذاكرة وحفظ المعلومات، وشرب كاسين أو ثلاث من الخمر يومياً وعلى الريق يكفي لتخريب الخلايا الدماغية بصورة غير قابلة للإصلاح.

ولا أحد يجهل تأثير الكحول على السلوك العام، مع تناقض التحكم الذاتي، وفقدان الهيبة، ويصبح ثرثاراً شديداً، وكلما ارتفعت الدرجة الغولية الدموية، فقد السكران القدرة على الرؤية الواضحة، ويخف سمعه، وتضعف عنده سرعة الاستجابات الحركية، وتنخفض إدراكاته عن طريق اللمس، وقد يصبح السكران ضحية لنزيف دماغي أو لاختناق بسبب القيء، وعندما تصل الدرجة الكحولية التي يتناولها الإنسان إلى حوالي (0.6- 0.7) بالمائة أو أكثر. تتعطل المراكز الدماغية التي تتحكم بالتنفس وضربات القلب، وغالباً ما ينتهي السكران بالموت، كل هذا إلى جانب الآفات الكبدية والقلبية الدورانية والمعدية والبانكرياسية وما يترتب عليها من ارتفاع في الوفيات التي تكلف المجتمع من الخسارات التي لا حدَّ لها.

ويتبين من كل ما سلف ما للكحول من آثار على الدماغ فهذا الشراب السام يستطيع أن ينفذ على حوالي 80% من أعضاء الجسم، ويسبب فيها آفات تزداد سوءاً بالإدمان على الشرب….

ويقول الأطباء: إن الإصابة بداء (العِله) {4}، تؤدي إلى التعدي على المجتمع البشري بأسره، وذلك لأنه هذا الداء ينتقل عن طريق الوراثة، فأولاد المصابين، إذا لم يكتب لهم الموت صغاراً، عاشوا حياة البؤساء في بيئة من الجهل والمرض وسوء التغذية، أو بؤرة الإحرام، إلى جانب الآفات النفسية والعصبية المتردية. ا ﻫ

ولعلنا أطلنا قليلاً، ولكن مثل هذا البحث لائق بموضوعنا، لما في زماننا من شدة الفساد وغلب الأهواء، وتسلط الشهوات، الذي لا نكاد نجد له حلٌّ أو شفاء، وما ذلك كله إلا لبعدنا عن ديننا وقرآننا وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام، فالله تعالى عندما يأمرنا بترك الخمر، لا لمجرد أمر أمرنا به، بل لخير كبير ومصلحة عظيمة ولكي نحفظ عقولنا من الزوال، وأجسامنا من الانهيار، ونحن رأينا مما سبق بيانه، ما للخمر من أضرار على الفرد والأسرة والمجتمع، والمتأمل بعد ذلك كله يرى عظيم رحمة الله بنا، ومحبته لنا، إذ لم يرض لنا ما يؤدي إلى فسادنا، أو إهلاكنا، فله الحمد تعالى على ما أمرنا به، ونهانا عنه.

وأما عن حفظ العقول، فهو أمر كتم لا بد منه، وأول ما يتجلى ذلك بالابتعاد عن الخمر وأشباها، التي تسوق العقل إلى الدمار، والأمة إلى البوار.

وقال سلطان العلماء في الإحسان بحفظ العقول : وذلك بإراقة المسكرات، ومنع شاربها من شربها، والإنكار عليهم. وذلك وسيلة إلى حفظ العقول التي هي محل معرفة الإله، ومناط خطابه وتكاليفه ولأن مفاسد زوال عقل الآدمي يوصله إلى مرتبة أدنى من البهائم، إذ يصدر من السكران من القبائح والمآثم ما لا يصدر من أرذل البهائم. ا ﻫ

والعقل الذي يهبه الله تعالى للإنسان، أباح له كل ما يكفل سلامته وتنميته بالعلم والمعرفة، وحرم كل ما يفسده، أو يضعف قوته، كشرب المسكرات وتناول المخدرات، وأوجب العقوبة الزاجرة على من يتناول شيئاً منها، فيضمن بذلك حفظ العقل الذي هو مناط التكليف. ا ﻫ

موفقه ان شاء الله

السسلام عليكم
ريح ما قصر..
يزاه الله خير
تسسلم..جاري تعديل العنوان
خليجية

اخوي ريح الشمال مشكوور
بس انا بغيت البحث بس يكون عن حفظ العقل مب كل الضرورات الخمس

خليجية المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وحـيـ بدنيتي ــده خليجية
اخوي ريح الشمال مشكوور
بس انا بغيت البحث بس يكون عن حفظ العقل مب كل الضرورات الخمس

اهلين فيج اختي
هذا بحث عن حفظ العقل ، حفظ العقل في الاسلام و الشريعة و بين الشريعة و القانون

يعني تقدري تقولي بحث شامل فيه كل شي

بس انتي اخذي المعلومات إلي تناسبج لعمل البحث
يعني لا تصعبي الموقف على نفسج اختي
وبشوف لج معلومات اكثر ان شاء الله
نحن ف الخدمه ولا يهمج اختي
موفقه ان شاء الله

وهذا بحث كامل والكمال لله عن حفظ العقل في الشريعه الاسلاميه
ان شاء الله اكون حققت مرادج خيتوووخليجية

موفقه ان شاء الله

مقدمــــة

هذه دراسة متواضعة لموضوع العقل، وفق المفهوم الإسلامي السلفي، مع مناقشة موضوعية يسيرة للمفهوم المعتزلي والفلسفي داخل دائرة التراث الفكري الإسلامي، فالهدف هو توصيف الفكر الإسلامي، الذي بينه الإسلام، وخاطبه القرآن الكريم، بمعزل عن الجدل المنطقي والفلسفي ، حول ماهية العقل وأقسامه وأنواعه.

مفهوم العقل:العقل هو جزء من الشرع، و عليه فان من لا عقل كاملا له لا شرع له ، ومن لا شرع كاملا له كمن لا عقل له.الشرع: هو كل ماورد فيكتاب الله وسنة رسول الله. يدور المعنى اللغوي لكلمة «عقل» في أغلب المعاجم العربية وغير العربية حول معان، هي: الربط، والضبط والإمساك، والحفظ ، وهذا هو المعنى الحسي المادي للكلمة ، وكثير من جزئياته تتوفر في العقل البشري، فهو يحفظ صاحبه، ويمنعه مما يضره، وبه يضبط أموره ويفهمها، ويميز بين السقيم والسليم .

وقد تعددت التعريفات الاصطلاحية للعقل تعدداً كبيراً تبعاً لكثرة المتحدثين في ذلك من الفلاسفة وأهل الفرق المختلفة ، فجاء كل تعريف حاملاً معتقد قائله، ومن أشهر تعريفات العقل أنّه :

1 ـ «قوة غريزية للنفس تتمكن به من إدراك الحقائق، والتمييز بين الأمور».

2 ـ «جوهر مجرد عن المادة في ذاته مقارن لها في فعله، وهي النفس الناطقة، أو هو جوهر روحاني خلقه الله متعلقاً بالبدن.

3 ـ «القوة المدركة في الإنسان، وهو مظهر من مظاهر الروح محله المخ، كما أن الإبصار من خصائص الروح آلته البصر».

ولا خلاف في أن العقل نعمة منّ الله بها على الإنسان ليعرف حقائق الأمور، ويفصل بين الحسن والقبيـح ، ولا نستطيع إدراك حقيقتها أو كنهها وإنّما نعرفها بما دل عليها من أفعال وتصرفات، يتضح من خلالها أن هذا كامل العقل أو ناقصه أو راجحه أو لا عقل له.

فماالعقل؟كان السلف يقولون إن العقل عقلان )غريزي ومكتسب). فالغريزي هو ما نسميه بالمقدرات العقلية من فهم وإدراك وفقه واتساقفي الكلام وحسن تصرف، و هو مناط التكليف، فمن لا عقل له لا يكلف، ومنفقد بعض مقدراته العقلية فإنما يكلف بحسب ما بقي له منها.

ويقسم فلاسفة العرب العقل إلى نوعين: غريزي، ومكتسب.. فأما الغريزيفهو العلم بالمدركات الضرورية، واستعداد النفس لتقبل النظريات واكتسابها، وهذا ما يسميه بعضهم «العقل بالملكة» وأما المكتسب أو المسموع، فهو نتيجة اكتساب النظريات واختزانها في العقل الغريزي.

فالعقل الغريزي، هو الأصل الذي خلقه الله ، والمكتسب هو الفرع الذي تم ونما بوجود الأصل، فإذا اجتمعا قوى كل منهما صاحبه. والغريزي هو مناط التكليف وسببه، فإن فقد فلا تكليف، وبه سمي الإنسان عاقلاً، وتميز عن سائر المخلوقات، والمكتسب هو مكان المدح والذم، أو إن المدح والذم يقعان على أثره، «فكل موضع ذمّ الله فيه الكفار بعدم العقل فإنه يشير إلى المكتسب دون الغريزي». وهناك تقسيم آخر للعقل وهو: عقل نظري وعقل عملي ، وهذا اختلاف في التسميـة فـقـط ، أم المعنى فيتفق مع التقسيم السابق ، فالنظري يساوي الغريزي ، والعملييساوي

المكتسب وقد وردت تفسيرات وتقسيمات وتعريفات كثيرة عند الفلاسفة امتزجت بالمفهوم اليوناني الوثني، وانحرفت عن المفهوم الإسلامي للعقل، ولا يتسع المجال لحصرها هنا .

والذي نخلص إليه أن العقل ملكة وغريزة فطرية مدركة وهبها الله سبحانه الإنسان وميزه بها، يستطيع عن طريقها التصديق والتصور البديهي للأمور الضرورية، وتصقل هذه الغريزة، وتتسع مداركها بما تتلقاه من علوم وتجارب في الحياة.

العقل في العقيدةوالشريعة:
الإسلام عقيدة وشريعة، معارف وأحكام، فالعقيدة هي الرؤية الكونية التيينبغي للمسلم الإذعان بها، كما أنّ الأحكام برامج عملية يسير على ضوئها.
وقدحاز العقل دوراً متميزاً على صعيد العقائد والمعارف والأحكام ممّا يدعونا إلى تسليطالمزيد من الضوء عليه، فنقول:
لقد حثَّ الإسلام منذ نشوئه على التفكير والتعقّلفي الكون وباطنه الذي يعبّر عنه سبحانه بملكوت السماوات والأرض، وقال أو لَمْيَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمواتِ وَالأَرضِ وَما خَلقَ اللّهُ مِنْ شَيء) وقداستأثر التفكير والتعقل مساحة شاسعة من اهتماماته، حتى بلغت الآيات التي زهت بألفاظ (الفكر)، (العقل) من الكثرة بمكان.فقد ورد لفظ(الفكر) في القرآن بمختلف صيغة ثمانيعشرة مرّة، كما ورد لفظ (العقل) فيه كذلك تسع وأربعين مرّة.
إنّه سبحانه زوَّدالإنسان بالتفكير والتعقّل وأعطى له الأدوات المطلوبة وأفضلها السمع والبصر، قالسبحانه: (وَاللّه أَخرجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيئاًوَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْتَشْكُرُون).
والمراد من الشكر في ذيل الآية صرف النعمة في مواضعها، فشكر السمعوالبصر هو إدراك المسموعات والمبصرات بهما، وشكر الفؤاد هو إدراك المعقولات وغيرالمشهودات به، فالآية كما تحرِّض على إعمال السمع والبصر في درك ظواهر الكون،تحرِّض أيضاً على استعمال الفؤاد والقلب والعقل فيما هو خارج عن إطار الحس وغيرواقع تحت متناوله، فمن أراد قصر التعليم والتفكير على ظواهر الكون وحرمان الإنسانمن التفكير فيما هو خارج عن نطاق الحس فقد خالف القرآن الكريم.
فهو أشبه بالطفلالذي يقتصر بما حوله من الأشباه والصور، دون أن يستطلع ما وراءهما، فالإنسان بحاجةإلى الحس والعقل معاً بغية التحليق في سماء العلم والعرفان

. العقل في الكتاب والسنة :

يخاطب القرآن الكريم الإنسان بوصفه كائناً عاقلاً، متميزاً عن غيره بهذه الصفة التي من خلالها يفرق بين الخير والشر، والحق والباطل، ويعرف ما يضره وما ينفعه عن طريقها ولم ترد آية في القرآن الكريم تعين العقل وتبين ما هو، وإنّما الذي ورد في مواضع كثيرة هي مشتقات العقل، ووظيفته، وعمله، من مثل (تعقلون، يعقلون، عقلوه، تعقل…) وقد بلغت تسعة وأربعين موضعاً (12).

ومن تلك الآيات: ﴿ومن آياته يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينزل من السماء ماءً فيحيي به الأرض بعد موتها.إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون﴾ (13)، ﴿كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون﴾ (14)، ﴿وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون﴾ (15)، ﴿وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير﴾ (16)، وهناك آيات أخرى لم تذكر مشتقات العقل، وإنّما ركزت على وظائف العقل، كالتذكير، والتفكير، والنظر، والفقه، والتدبر، ونحوها، من مثل قوله تعالى: ﴿.. قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون﴾ (17)، وقوله: ﴿.. انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون﴾ (18)، وقوله: ﴿أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها﴾ (19)فالآيات هذه وغيرها تدعو دائماً إلى التعقل، أي توظيف العقل، والاستفادة منه فيما يفيد صاحبه، ولم يتوجه القرآن الكريم إلى بيان معنى العقل أو ماهيته، وإنّما كان الخطاب القرآني منصباً على توضيح أهمية العقل في كونه وظيفة تساعد الإنسان على التذكر، والتفكير، والنظر، والتدبر، ثم الخروج بنتيجة واحدة، وهي الإيمان بالله الواحد القهار، لأن العقل السليم لابد أن يهتدي إلى هذا.

وورد في التفسير أن كلمة «القلب» في القرآن الكريم لها ارتباط بالعقل، كما في قوله تعالى: ﴿أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور﴾ (20)، وقوله: ﴿إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد﴾ (21). فقد فسر ابن عباس «القلب» في الآية الثانية بالعقل: وذلك لأن العقل قوة من قوى القلب وخادم من خدامه، وبه قال الليث: لأنه يعقل بالقلب فكنى عنه، وكذا قال مجاهد (22). والقلب ليس الجهاز المعروف لضخ الدم، إنّما هو اللطيفة المدركة التي وضعها الله في الإنسان، لتكون موضع أعمق الأفكار، وأصدقها، وأوثقها (23).

وورد في القرآن الكريم مرادفات للعقل: كالحجْر، والفؤاد والنُهى، واللبّ، والحلم، وأسند إليها شيء من وظائف التعقل، من النظر والتفكير والذكر والتذكير، ونحوها، مما يدل على أن من اتصف بها قد اكتمل عنده العقل فأدرك حقيقة وجوده في هذا الدنيا، وفهم طبيعتها، ويستعين على هذا الإدراك بحاستي السمع والبصر، قال تعالى: ﴿والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون ﴾ (24)، وقال: ﴿ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصمّ ولو كانوا لا يعقلون. ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون﴾ (25). وهذه الحواس تعضد العقل وتساعد في معرفة المحسوسات والمشاهدات في عالم الشهادة، في حين ينفرد العقل بمعرفة عالم الغيب (26). وهكذا يكون السمع والبصر طريقين من طرق التعقل التي تنتهي بالإنسان إلى المعرفة العقلية المنشودة.

أما السنة النبوية الشريفة : فلم يرد فيها لفظ العقل إلا في حديث النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ إلى النساء عندما قال: «… ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن؟ قلن وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله ؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل ؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان عقلها أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم ؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان دينها » رواه الشيخان، واللفظ للبخاري (28) ويتداول الناس أحاديث كثيرة مفادها أن العقل أو المخلوقات و«لا أصل لشيء منها، وليس في رواتها ثقة يعتمد» (29). وقد نص ابن تيمية على أن حديث «أول ما خلق الله العقل» كذب موضوع (30)، وعلى الرغم من ذلك يصرّ أحد الباحثين (31)، على أن أحاديث العقل كلها صحيحة، لأن علماء الفقه من السنة قد بالغوا في حملتهم على أحاديث العقل، خوفاً من أن ينساق الناس خلف العقل وحده (32). ويرى أن تلك الأحاديث تتفق مع روح الآيات القرآنية، وتشرحها بطريق غير مباشر (33). ويسوق عدداً من الملاحظات يؤيد بها رأيه، ولكنها لا تستقيم في دفع الوضع، أو الضعف على الأقل عن تلك الأحاديث (34). والذي نراه أن السنة الشريفة وإن لم يصح فيها أحاديث كثيرة جاءت بلفظ العقل، إلا أنها لا تتجاوز المفهوم القرآني، فهي تجعل العقل الذي هو مناط التكليف أساساً في القيام بالواجبات والانتهاء عن المحرمات، وهذا مستفاد من حديث «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتّى يستيقظ، والمجنون حتّى يفيق، والصغير حتّى يبلغ» (35) فالمجنون الذي فقد عقله، ولم يعد يفرق بين الصواب والخطأ، سقط عنه التكليف، وأقواله وأفعاله لا يتعلق بها حكم شرعي، ولا ثواب ولا عقاب (36). وهنا تأكيد على العقل النظري، أو المطبوع الذي يتميز الإنسان بوجوده عن سائر المخلوقات أما حديث «ما رأيت من ناقصات عقل ودين.. » فيدل على أن عقل المرأة فيه نقص عن عقل الرجل في بعض الوظائف كالتذكر ـ مثلاً ـ فالحديث يشير إلى أن شهادة المرأتين تعادل شهادة رجل واحد وقد علل ذلك بأن المرأة سريعة النسيان، فتذكرها الأخرى كما في آية الدين ﴿.. أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى…﴾ (37)، أما العقل من حيث هو مناط التكليف فلا خلاف في أنّه غير مراد في هذا الحديث، وإلا لما خوطبت المرأة بالشرع كما في حديث رفع القلم.

القرآن هو المنطلق الأوّل لتنمية الفكر الإنساني:
إنّ القرآن هو المنطلق الأوّل لتنمية الفكر الإنساني وحثّه على التعقّل والتفكير، فمن أراد أن يخلص للّه في العبودية بلا تحليق العقل في سماء المعرفة، فقد تغافل عن آيات الذكر الحكيم ونظائرها.

قال سبحانهأَمْخُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيء أَمْ هُمُ الْخالِقُون* أَمْ خَلَقُوا السَّماواتوَالأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُون).
فلو فسرنا «الشيء» في الآية بالسبب والعلة،فالجزء الأوّل من الآية يشير إلى برهان الإمكان الذي يقوم على لزوم سبب موجب لخروجالشيء من العدم إلى الوجود، والجزء الثاني منها يشير إلى بطلان كونهم خالقي أنفسهم،الذي يستقل العقل الصريح ببطلانه قبل أن يستقلّ العقل الفلسفي ببطلانه لأجلاستلزامه.العقل هو أداة معرفة الله:بالعقل نعرف الله حق معرفتهونستطيع إدراك الحق وإتباعه ومعرفة الباطل وعدم إتيانه قال أبوا لحسن موسى بن جعفرعليهما السلام : يا هشام إن الله تبارك وتعالى بشر أهل العقل والفهم في كتابه فقال :
(فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئكهم أولوا الألباب .(
وقال: (وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌمِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍوَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَلَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) الرعد:4وكان أمير المؤمنين عليه السلام يقول :
(يا طالب العلم إن العلم ذو فضائل كثيرة : فرأسه التواضع ، وعينه البراءة منالحسد ، وأذنه الفهم ، ولسانه الصدق ، وحفظه الفحص ، وقلبه حسن النية وعقله معرفةالأشياء والأمور ، ويده الرحمة ، ورجله زيارة العلماءالنص الشرعي:هو المرجع وهو الحاكم في حياة المسلمين والعقل مصدر تابع له.
وقد تباينت مواقف هذه المدرسة المنحرفة التي تخالف أصول الإسلام من هذه القضية الكبرى وهي مرجعية الشريعة وتعظيم النصوص الشرعية فحصل منهم تعد وتهوين من شأن النصوص الشرعية لأنها هي العائق الكبير أمام ما يطرحونه من أمور تخالف الشرع صراحة فعمدوا إلى موقف سيئ من النصوص الشرعية يتجلى في القضايا الآتية:1ـ تقديس العقل في مقابل التهوين من شأن النصوص:
وقبل الحديث عن موقفهم من النص الشرعي وتقديمهم العقل عليه لا بد من تجلية موقف الإسلام من العقل وأهل السنة تحديدًا وأنهم هم أهل العقل والحكمة وليس كما يصمهم خصومهم بأنهم حرفيون ونصيّون وعبدة نصوص وجامدون وغيرها من الألقاب التي ـ إن شاء الله ـ لن تغير من الواقع والحقيقة شيئا فنقول:أولا : صور تكريم الإسلام للعقل:
1ـ إشادة القرآن الكريم وثناؤه على من استعمل عقله وذمه لمن عطله.قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ : ".. مدح الله العلم والعقل والفقه ونحو ذلك في غير موضع وذم ذلك في مواضع.، وفي كتاب الله آيات كثيرة تثني على من أعمل عقله واستعمله فيما خلق له كما في مثل قوله تعالى {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ}[العنكبوت: 43] وفي مثل قوله تعالى {يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يشاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ}[ البقرة:269]2ـ جعل الإسلام للعقل حدودا لا يتعداها:

من المسَّلم به لدى العقلاء أن العقل البشري هو كغيره من أعضاء الإنسان له طاقة محدودة واختصاص معين ومن الخطأ والعبث أن يطالب بما فوق طاقته وأن يطالب كذلك بما هو خارج عن اختصاصه فإذا حمل فوق طاقته كان نصيبه العجز والهلاك وإذا استعمل خارج نطاق اختصاصه حاد عن الصواب وكان نصيبه التخبط والانحراف.يقول السفا ريني ـ رحمه الله ـ : " فإن تسليط الفكر على ما هو خارج عن حده تعب بلا فائدة ونصب من غير عائدة وطمع في غير مطمع وكد في غير منجح"….3ـ العقل أحد الضروريات الخمس التي جاءت الشريعة بحفظها:جاءت الشريعة بحفظ العقل؛ لأنه أحد الضروريات الخمس التي لا بد منها لقيام مصالح الدين والدينا وقد حفظت الشريعة جانب العقل من ناحيتين: الناحية الأولى : من جانب الوجود؛ وذلك بفعل ما به قيام العقل وثباته ولما كان العلم النافع يزيد من قوة إدراك العقل ويزيد من عمق تفكيره جعل منه الإسلام ما يجب تعليمه على كل مكلف سواء كان ذكرا أو أنثى وهذا العلم منه ما هو فرض عين لا يعذر أحد بجهله ومنه ما يكون فرض كفاية.
الناحية الثانية: من جانب العدم وذلك بحفظ العقل من كل ما يؤثر فيه بشكل سلبي وهذا يتضح فيما يلي: أ ـ حرم الإسلام الجناية على العقل بالضرب والترويع، وجعل الدية كاملة على من تسبب في إزالته يقول ابن قدامه ـ رحمه الله ـ : " وفي ذهاب العقل الدية، لا نعلم في هذا خلافا..".ب ـ النهي عن كل ما يؤثر على وظائفه ومن ذلك : تحريم شرب الخمر وكل مسكر ومفتر قال القرطبي ـ رحمه الله ـ : " إن السكر حرام في كل شريعة لأن الشرائع مصالح العباد لا مفاسدها وأصل المصالح العقل كما أن أصل المفاسد ذهابه فيجب المنع من كل ما يذهبه أو يوشوشه".ج ـ ومن صور محافظة الإسلام على العقل، تحريم ما تنكره العقول وله تأثير عليها كالسحر الذي يذهب العقل كليا أو جزيئا فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم قوله: ((اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا يا رسول الله وما هن قال: الشرك بالله، والسحر..)).4ـ العقل مناط التكليف: من القواعد المعلومة في هذا الدين أن العقل مناط التكليف في الإنسان وإذا زال العقل زال التكليف فالتكليف يدور مع العقل وجودا وعدما ومن هنا يتبين أهمية العقل ومكانته في الإسلام إذ بالعقل الذي هو عمدة التكاليف يكون التفضيل لهذا الإنسان كما بين ذلك القرطبي ـ رحمه الله ـ بقوله : "والصحيح الذي يعول عليه أن التفضيل إنما كان بالعقل الذي هو عمدة التكليف وبه يعرف الله ويفهم كلامه ويوصل إلى نعيمه وتصديق رسله إلا أنه لما لم ينهض بكل المراد من العبد بعثت الرسل وأنزلت الكتب فمثال الشرع الشمس، ومثال العقل العين، فإذا فتحت وكانت سليمة رأت الشمس وأدركت تفاصيل الأشياء".ويقول ألشاطبي ـ رحمه الله ـ " إن مورد التكليف هو العقل وذلك ثابت قطعا بالاستقراء التام حتى إذا فقد ارتفع التكليف رأسا وعد فاقده كالبهيمة المهملة".5ـ العقل له دور فعال في قضية الاجتهاد: من المعلوم أن استنباط الأحكام فيما لا يوجد نص من كتاب أو سنة أو إجماع يرجع إلى الاجتهاد الذي يقوم مداره على العقل حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ حاضا عليه ـ عند فقد النص: ((إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)).فجعل من اجتهاد العقل أساسا للحكم ـ لمن هو أهله ـ عند فقدان النص مع تثبيت الأجر عند الخطأ..
ثانيا : مكانة العقل في الإسلام:
العقل نعمة عظيمة امتن الله بها على بني آدم وميزهم بها على سائر المخلوقات غير أن هذا التكريم لا يتحقق إلا إذا كان العقل مهتديا بوحي الله محكوما يشرع الله وبذلك ينجو صاحبه من الضلال ويهتدي إلى الحق كما قال تعالى{وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}[ آل عمران:101]
أما إذا كان العقل مقدما على وحي الله حاكما على شرع الله فقد ضل صاحبه سواء السبيل كما قال تعالى{فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[ القصص:50]
ومن هنا وقف الإسلام موقفا وسطا تجاه العقل فلم يتخذ مسلك الفلاسفة والمعتزلة الذين غالبوا في تقديس العقل وجعلوه الأصل لعلومهم ومعارفهم وسبيل الوصول إلى الحقائق والحكم المقدم على النقل والشرائع.
……….كما أن الإسلام لم يتخذ مسلك الصوفية والرافضة الذين ذموا العقل وعطلوه واعتقدوا ما لا يقبل ولا يعقل من الحماقات والخرافات.
……إن الإسلام كمنهج رباني أنزله اللطيف الخبير ـ جلا وعلا ـ اتخذ مسلكا وسطا تجاه العقل حيث عرف للعقل قدره فوضعه في مكانه اللائق به بلا إفراط ولا تفريط وإليك كلاما نفيسا بحق ـ يكتب بمداد من ذهب على صفحات من نور ـ لشيخ الإسلام ابن تيمية يوضح فيه حقيقة تلك المسالك المنحرفة تجاه العقل مع بيان المنهج الوسطي (المنهج الحق) في هذه القضية يقول ـ رحمه الله ـ : " ولما أعرض كثير من أرباب الكلام والحروف وأرباب العمل والصوت عن القرآن والإيمان : تجدهم في العقل على طريق كثير من المتكلمة يجعلون العقل وحده أصل علمهم ويفردونه ويجعلون الإيمان والقرآن تابعين له.
……هكذا وقف الإسلام متمثلا في منهج أهل السنة والجماعة موقفا متميزا تجاه العقل أما الليبراليون فقد اتخذوا مسلك الفلاسفة والمعتزلة تجاه العقل يظهر هذا بجلاء من خلال الجوانب الآتية: 1ـ تقديس العقل في مقابل التهوين والتهكم من شأن النصوص: أ ـ خالص جلبي يدعو إلى أن يتجاوز العقل نطاق الثوابت الدينية ويقفز عليها يقول " المواطن العربي اليوم محاصر في مثلث من المحرمات بين الدين والسياسة والجنس كل ضلع فيه مثل حاجزا شاهقا لا يستطيع أفضل حصان عربي رشيق أن يقفز إلا بالقفز إلى الإعدام فأمام حائط الدين يطل مفهوم الردة وأمام جدار السياسة يبرز مصطلح الخيانة، وعند حافة الجنس تشع كل ألوان الحرام والعيب فالعقل مصادر ومؤمم وملغى حتى إشعار آخر" ثم يدعو إلى ثورة عقلية : " لا بد من تدريب عقولنا على النقاش والجدل وذلك يفتح طرقا عصبية رائدة فالعقل النقدي والعقل النقلي ميت".
ب ـ وها هو يوسف أبا الخيل يرى أن النصوص في الشريعة الإسلامية جاءت محدودة بطبيعتها باعتبار توقف الوحي بعد وفاة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن هنا اقتصرت الشريعة بناء على تلك النصوص على بيان الفروض والحدود أما ما سوى ذلك فهو ميدان العقل والتدبير الإنساني وقد استند أبا الخيل في رأيه هذا على كلام لابن المقفع الفارسي!
وها هنا حقيق بك أن تعجب أخي القارئ غاية العجب أتدري لمََ ؟لأن هذا الرجل الذي جعله أبا الخيل عمدته فيما ذهب إليه من رأي هو رجل متهم بالزندقة.2ـ تقديم المصلحة المتوهمة على النص:
هذا الموقف المنحرف متفرع عما سبق من غلوهم في جانب العقل على حساب النقل ـ عياذا بالله ـ حيث اعتقدوا أن العقل له الصلاحية الكاملة والأهلية التامة في أن يستقل بإدراك المصالح والمفاسد بعيدا عن نور الوحي وهذا بلا ريب مصادم للحق والحقيقة إذ إن العقل ـ كما ذكرنا آنفا ـ تابع للشرع وخاضع تحت حكمه فلا يجوز له حينئذ أن يتخطى ما حده الشرع زاعما أنه إنما يتبع المصلحة ويرد الإحسان والتوفيق بل الحكم الأول والأخير للشريعة.
ومعلوم أن العلماء جعلوا المصالح على أنواع منها : مصالح معتبرة يؤخذ بها وهي ما دل الدليل على اعتبارها وجوازها وحليتها ودعا إليها ومصالح ملغاة لا اعتبار ولا ميزان لها وهي ما جاء النص صراحة بإلغائها كما حرم الخمر مع اشتماله على بعض المصالح وهي مصالح ملغاة بنص الشارع الحكيم وأصحاب هذه المدرسة يصرحون ـ كما سوف يأتي ـ باعتبار المصالح الملغاة ويضربون بالنصوص الشرعية التي جاءت مصادمة لهذه المصالح عرض الحائط فيصبح الدين تبعا لهوى وما تمليه الشهوات والأهواء لا عبودية لرب الأرض والسماء…
ثم نحن نتساءل أخيرا: إذا كان العقل له الصلاحية الكاملة والأهلية التامة ـ كما يعتقد الليبراليون ـ في أن يستقل بإدراك المصالح والمفاسد بعيدا عن نور الوحي فما الفائدة إذا من إنزال الكتب وإرسال الرسل؟! كما أن هذا الاعتقاد قد يقودهم إلى أمر خطير للغاية ألا وهو: اتهام الله ـ جل وعلا ـ بالعبث في أفعاله وتقديره ـ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ـ ذلك لأن من غايات إنزال الكتب وإرسال الرسل تعريف الناس بالشر والخير وبيان المصالح والمفاسد لهم. فإذا كان العقل البشري يستقل بمعرفة ذلك ـ كما يعتقد كثير من الليبراليين ـ كان إنزال الكتب وإرسال الرسل حينئذ ـ لا طائل من ورائه ولا جدوى فيه وهذا هو حقيقة العبث الذي يتعالى الله عنه علوا كبيرا.
إن هذه المفاسد الخطيرة الناجمة عن اعتقادهم باستقلال في إدراك العقل وفي إدراك المصالح والمفاسد تكفي العاقل المنصف في بيان فساد هذا الاعتقاد وانحرافه عن جادة الصواب.
أقوال الليبراليين في هذا الجانب:أما أقوال الليبراليين التي تبرهن على أنهم يقدمون المصلحة المزعومة على النص الشرعي فهي كما يلي: أ ـ يقول مشاري الذايدي : " نحن مطلوب منا أن نمارس السياسة وفق مصالحنا وحيث ما كانت المصلحة كان دين الله هكذا أفهم الأمور هكذا أفهم الأمور".ب ـ يقول محمد المحمود: " ما نحتاجه الآن : قطيعة نوعية مع تراث بشري تراكم على مدى أربعة عشر قرنا يقابله اتصال خلاق بالنص الأول في مقاصده الكبرى وليس مجرد ظاهرية نصوصية لا تعي ما بين يديها ولا ما خلفها".
ـ دعوى تعدد قراءات النص الواحد: يعتقد الليبراليون أن النص الشرعي له قراءات متعددة وتفسيرات متنوعة وكلها صحيحة وهذه العقيدة من الفساد بمكان لأنها تفتح الباب على مصراعيه لكل مبطل أن يستدل على مذهبه الفاسد من النص الشرعي بدعوى (تعدد قراءات النص) ولا ريب أن هذا أصل خطير يسوغ زندقة كل متزندق وكفر كل كافر فالباطني مثلا الذي يفسر قول الله تعالى {إِنَّ اللّهَ يأمركم أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً}[ البقرة: 67] بأنها عائشة ـ رضي الله عنها ـ بناء على ذلك الأصل قوله حق والذي يقول: إنها البقرة المعروفة قوله حق..ويطلق بعض الأئمة على هذا الأصل (دعوى عدم إفادة النص للعلم واليقين).
والعجيب أن زنادقة عصرنا من المتكلمين الذين يسمون (مثقفين!!) و(عصريين! ! ) اتكأووا على هذا الأصل لتسويغ باطلهم وتمرير انحرافهم ولهذا زعم من زعم منهم أن القرآن يمكن أن يدل على كل مذهب في الأرض.وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – أن أصل هذا المذهب الفاسد، يرجع إلى قول السفسطائية من الفلاسفة، ثم أخذه عنهم طوائف من ملاحدة الصوفية.
والفلسفة المعاصرة أخذت في بعض تقاريرها بهذا المذهب الفاسد، فصححوا كل الأديان والمذاهب الباطلة، ولم يجعلوا لنصوص القرآن والسنة منزلة ولا حرمة، فكل شخص يفهم النص بما يريد ويشتهي لا بما هو عليه الحقيقة.

بعض النصوص عنأهمية العقل في الكتاب والسنة:
إن للعقل أهميةكبرى في كيان الإنسان، وتقويم شخصيته، وتوجيه سلوكه، وتحديد مصيره. وبه تميز عن بقية الحيوانات وفضل عليها. فإنها وإن كانت تملك شيئاً من الإدراك الغريزي، إلا أنه في حدود ضيقة. أما الإنسان فهو يستطيع بعقله تمييز الأشياء، ومقارنة بعضها ببعض، ثم الترجيح بينها، واستحصال النتائج من مقدماتها، وتحديد الضوابط التي ينبغي الجري عليها، مع سعة أفق وانفتاح على الواقع، قد يقطع به ذوو الهمم العالية شوطاً بعيداً في التقدم، ويرتفعون به إلى مراتب سامية من الرقي والكمال.
ولذلك أكد القرآن المجيد على العقل في آيات كثيرة. قال تعالى: ﴿وَمَا يَذَّكَّرُ إلاَّ أُولُوا الألبَابِ﴾(1).
وقال سبحانه: ﴿قَد بَيَّنَّا لَكُم الآيَاتِ إن كُنتُم تَعقِلُونَ﴾(2)، وقال

عزّ من قائل: ﴿إنَّ فِي خَلقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرضِ وَاختِلاَفِ اللَّيلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأولِي الألبَابِ﴾(3).

وقال جلّ شأنه: ﴿إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأولِي النُّهَى﴾(4)… إلى غير ذلك.

كما أكدت على ذلك السنّة الشريفة في أحاديث كثيرة لا تحصى عن النبي(صلى الله عليه وآله) والأئمة من آله(عليهم السلام)، وبصيغ مختلفة في عرض ذلك.

فعن النبي(صلى الله عليه وآله) أنه قال: «قوام المرء عقله، ولا دين لمن لا عقل له»(5).

وعنه(صلى الله عليه وآله): «ما قسم الله للعباد شيئاً أفضل من العقل… ولا بعث الله رسولاً حتى يستكمل العقل، ويكون عقله أفضل من عقول جميع أمته…»(6).

وفي الحديث عن أمير المؤمنين(عليه السلام) أنه قال: «لا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل»(7).

العقل بين منهج السلف ومنهج غيرهم:


لعلّ في حديثنا السابق بياناً للمنهج السلفي المعتدل، الذي يؤمن بالعقل مصدراً من مصادر المعرفة، ولكن لا يغالي فيه، ولا يرفعه فوق قدره الذي وضعه الله فيه، فيعرف أن هذا العقل نعمة أنعم الله بها على الإنسان، ليستعين بها على التحكم في أمور حياته، وينطلق من خلالها لإعمار الأرض التي جعله الله فيها خليفة ونعلم أن هذا العقل قاصر عن إدراك حقائق كونية، وأمور غيبية، فلا مجال له فيها، وعليه بالالتزام بالوحي السماوي. ولقد رأينا في الموضوعات السابقة أن القرآن الكريم يدعو إلى توظيف العقل والاستفادة منه في مجال الإيمان بالله وحده لا شريك له، وهذا الأمر وغيره من أمور العقيدة يعجز العقل أن يستقل بمعرفتها، فلابد من الوحي الإلهي ليهديه ويرشده.

ويتمثل موقف العقل السلفي في مجال العقيدة فيما يلي:

الاعتماد على الفطرة التي فطر الله الناس عليها، التي هي أساس الدين، لأنها تلجئ صاحبها إلى البحث عن الحق والالتزام به ﴿فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون﴾ (72)، فالفطرة تعني الإسلام كما هو مشهور في تفسير هذه الآية عند جمهور السلف (73)، فلذلك سمي الإسلام «دين الفطرة»، لأن الإنسان منذ خلقه الله مفطور على الإيمان بأن له خالقاً تجب عبادته وحده، ولكن مؤثرات البيئة تعرض له فتغير اتجاهه، وتطفئ نور الفطرة عنده، كما يدل على ذلك الحديث المشهور «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» (رواه البخاري ومسلم) (74)، وعندما يصيب هذه الفطرة ما يمنعها يتجلى دور الأدلة العقلية التي ورد بها الوحي في إيقاظها وتنبيهها إلى الحق، ويقف العقل أمام ما عرضه الوحي من قضايا عقيدية موقف المتلقي لها بوصفها هبة من الله، ويفهمها بقدر الطاقة البشرية، دون الإغراق في تعقل حقائقها، وتكييفها مما لا فائدة للعقل منه، بل يكون سبباً في ضلال الكثيرين (75).

أما مجال العقل في ميدان التشريع فيتحدد بما يلي:

* المعرفة الفطرية بالحسّ والقبح في الأفعال على سبيل الإجمال، أما التفصيل فمصدره الوحي، وعلى هذا يسهل تلقي التشريع الموحي به الله تعالى الذي يخاطب الفطرة المتفقة معه اتفاقاً تاماً (76).

مشكوووورين

^^

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.