النساء ومشاركة الرجال في العمل
* إعداد – صلاح شنكل
في المجتمع السعودي ذي الوضعية الاقتصادية الخاصة والتقاليد الاجتماعية الخاصة أيضاً يصبح عمل المرأة مثيراً للجدل مهما كان نوع ذلك العمل أو طبيعته. والمرأة السعودية لديها القدرة على اقتحام مختلف مجالات العمل والأنشطة, فهي في التعليم تربي وتنشئ وتعلم, وفي المجال الصحي طبيبة وممرضة وفنية تخدير ومختبر وغير ذلك, هذا فضلاً عن نشاطها التجاري وما يتعلق بالاستثمار في احتياجات المرأة.
هل مشاركة المرأة في العمل تفي بالدور المنوط بها تجاه الأسرة والمجتمع, وهل له تأثيرات سلبية تجاه الزوج والأبناء, وهل الوطن والمجتمع في حاجة له بالقدر الذي يجعلها تقاوم كل الظروف والضغوط لتسجل حضورها في موقع العمل وهل هناك ما يمنع عمل المرأة ما دامت ملتزمة بتقاليد المجتمع وقواعد الدين؟
طرحنا هذا المحور على أصدقاء المنتدى الذين تسارعوا – كعادتهم – مشاركين بمرئياتهم وأفكارهم, فكانت الحصيلة ما سنقرأه سوياً في الأسطر التالية.
( عبدالرحمن الزيد بالعكس دائماً أم نورة لها كيانها، وأعتقد أن هذا شيء مربح أن المرأة تعمل وتكون مستثمرة وهذا شيء جيد، وأنا أؤيد توسع فكرها وخيالها سواء في التجارة أو أي عمل يناسبها, ولكن لابد أن تتقيد بالشريعة الإسلامية، وأنا مؤيد لعمل المرأة طالما كان يصب في خانة دعم أسرتها ورفد الاقتصاد الوطني دون أن تفرط في جانب من واجباتها تجاه أبنائها أو زوجها أو حتى نفسها.
منافع متعددة
( عمرو إبراهيم محمد العمرومرات كث داخل أسرهن ومجتمعهن فعليهن دور كبير لا يقتصر على الرجال فقط فكما للرجال دور فعليهن أدوار.
ثانياً: إن هذه المنافسة الشريفة كما قلنا تعكس مدى حرص الدولة -وفقها الله- على أن يحصل كل فرد في المجتمع نساء أو رجالاً على حقوقهم الكاملة وواجباتهم، ولعل من أهم حقوقهم حق الحصول على العمل والتمتع به.
ثالثاً: إن عمل المرأة يفتح لها مجالات كثيرة لتوسيع أفقها الذي نلاحظه يوماً بعد آخر كذلك أنها تنفع وتفيد فئة معينة من طالبي هذه الخدمة وتتحسن ظروفهم المعيشية.
النصف المعطل
( إبراهيم العبدالله الصقعوب – القصيم بريدة
المرأة نصف المجتمع وحاجة المجتمع التربوية إليها ماسة وعملها بالتجا الذي قام عليه المجتمع من العنصر النسائي في التربية وشؤون المن ينشأ في الخمسين سنة القادمة ماذا نتوقع منه فهو تربية خدم والبعض يكلون أمر التربية للخدم اللاتي يربين الأبناء على غير أخلاقنا وثقافتنا وديننا.
ما زالت بعيدة
( محمد بن عبدالعزيز بن محمد اليحيى – كاتب سعودي
الحقيقة نحن نذكر أن النساء شقائق الرجال وأن الحياة التكاملية بين الاثنين وعمل المرأة يجب أن يكون في حدود ما تسمح به الشريعة ثم العادات والتقاليد والقيم، بمعنى ألا تعمل المرأة في عمل يجعلها في اختلاط مباشر مع الرجل في مكتب أو في شبه خلوة لأن الخلوة هي جزء من بداية الضياع والتدهور.
لكن هناك بعض الجوانب التي قد لا تستطيع المرأة أن قسم الرجال أكثر من دقيقة لكن لكي نسحب الملف من القسم النسائي مكثت أكثر من نصف ساعة بدون أي مبرر.
هنا ندرك أن المرأة قد تنافس الرجل في ومحلات التجميل، هنا سيكون لها مجال، ولكن أن نقول تكون سيدة عمل أو تطرق سوق العمل كمشرفة بناء أو مشرفة مصنع أو كذا فهذه الأمور لا تجيزها الشريعة السمحة ثم لا تقبلها عاداتنا وتقاليدنا..
عنوسة وبطالة
( إبراهيم بن علي القيشان
دخلت أحد المستشفيات في القصيم وفي أحد المكاتب كان جميع العاملين على الكمبيوتر من النساء، وعلمت أن مصنعاً لأدوات الكهرباء في الرياض جميع العاملين فيه من النساء، وفي كثير من المستوصفات الأهلية نجد موظف الاستقبال من النساء حتى في قسم الرجال.
وأنا أرى أن هذه ظاهرة غير صحية، فلو فرضن فلذا أنا أطالب بإنشاء هيئة لحماية حقوق الرجال والشباب من ظلم النساء وتعديهن على أعمال الرجال في الآونة الأخيرة وللأسف.
( ريتاج البكر مما لا شك فيه أن أي مبادرة وعمل لابد أن يكون من ورائه ثمرة إيجابية واضحة, لكن المهم أن ندرك أن لكل من المرأة والرجل طبيعة خلقية خاصة، فبالتالي حجم المنافسة في العمل سيكون تبعاً لقدرات كل من الطرفين، والأساس في عمل المرأة ألا يخل بواجباتها ومهامها التي لا يضطلع بها أحد غيرها في كافة الظروف, فعمل المرأة يفترض أن يكون شيئاً إضافياً وأيجابياً لا سلبياً على حياة الأسرة.
الظروف الخاصة
( ناصر الزهراني لا يختلف اثنان في أحقية المرأة أماً كانت أو أختاً أو زوجة أو بنتاً في العمل والكسب وفي التمتع بحقها الكامل في التملك والمنح والبيع والشراء, هذه أشياء مفرغ منها, لكن الأشياء مكان الجدل هي ما يتعلق بتربية الأبناء والحفاظ على المظهر وعدم الاختلاط بالرجال وغيرها من الأمور التي تحفظ لها دينها وتصون حياتها, وتبعد عنها الريبة، خصوصاً في مجتمعنا السعودي المحافظ الذي تسيطر عليه العادات والتقاليد المستمدة من الشرع. أما زيادة دخلها ورفدها خزينة البلاد وامتلاكها المال الذي يحل الكثير من مشكلاتها فهذا شيء إيجابي لا أحد يقف أمامه أو يرفضه الرفض المطلق, حيث إن المسألة مقيدة بالظرف والمكان والحال.
( سامي العتيبي مهما اتجهت النساء إلى سوق العمل في المملكة فإنهن لن يستطعن أن يملأن فراغهن أو يحصلن على أدنى نسبة تحظى بها المرأة في أي دولة عربية أو إسلامية, فالمرأة لا تريد أن تنافس الرجل بمعنى تتفوق عليه أو تكشف قصوره, فقط هي تحاول أن تنتزع بعضاً من فرصها الوظيفية التي يحق لها الحصول عليها, وحتى تلك الفرص ما زالت (إلى الآن) محصورة في ما يسمى بالوظائف التي تليق بالمرأة أو تناسبها. إذن هي مشاركة للرجل وليست منافسة له بأي حال من الأحوال.
مشاركة مبكرة
( بندر العسكر مشاركة المرأة الرجال في العمل لم تبدأ في عصرنا الحاضر بل بدأت منذ مئات السنين خصوصاً في صدر الإسلام حينما كانت المرأة تسقي وتتاجر وتحارب وتعالج وتفتي وتستفتى، إلى غير ذلك من المهن والوظائف التي اضطلعت بها المرأة. وحينما تكون الحاجة ضرورية لعمل المرأة سواء حاجتها للمال أو حاجة المجتمع لجهودها يصبح عملها فيه أجراً لها ما دامت التزمت بضوابط الشرع وأصول الدين والتزمت الكتاب والسنة. ويمكن القول أن مشاركة النساء للرجال في الأعمال الضرورية التي ترضي الله من الواجبات التي يثاب عليها الجميع بإذن الله تعالى. هذا دون أن نقول في هذا المجتمع أو ذاك. والله تعالى أعلم.
وأشكر الجزيرة على طرحها مثل هذه الموضوعات الشيقة المفيدة.
بس تقدرين تغيرين فيه ………>> طبعا تعرفي هالحركات تمشي على الأبلات
بس في حد بقدر يحط صور عن مشاكرة المرأة الرجل في العمل بدولة الامارات
وبلييز اللي بعرف ما يتأخر
بدي اياه ضروري وهلأ
(2) الجهود الأهلية والحكومية المبذولة حالياً لتشجيع المرأة الإماراتية على المشاركة في العمل السياسي
(3) المعوقات والتحديات التي تواجه مشاركة المرأة الإماراتية في العمل السياسي
(4) التدابير المقترحة التي يمكن اتخاذها من قبل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية لتفعيل مشاركة المرأة الإماراتية في العمل السياسي.
لا تزال المرأة العربية تعانى من أشكال عدم التوافق بين إمكانيتها الحقيقية والحقوق المعترف بها قانونياً واجتماعياً، فإذا كانت المرأة العربية تناضل منذ سنين لتحقيق ذاتها وتواجدها باعتبارها مواطنا كامل الحقوق إلا أن ما اكتسبته لا يعبر عن الدور الحقيقي الذي يجب أن تلعبه داخل المجتمع. هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد أصبحت هذه المكتسبات مهددة اليوم اكثر من أي وقت مضى وذلك للعديد من التحديات الداخلية والخارجية التي تواجها البلدان العربية. ولا شك أن الساحة العربية قد شهدت اهتماماً متزايداً بالحقوق السياسية للمرأة، كما ازداد نشاط الحركات النسائية العاملة في مجال حقوق المرأة.
وقد أثمر ذلك مجموعة هائلة من النصوص والوثائق والإعلانات والمعاهدات والاتفاقيات التي تتعرض بصفة عامة أو بصفة خاصة لقضية المرأة، هذا إلى جانب الملتقيات والندوات والمؤتمرات العالمية التي تسعى إلى مناقشة كافة أشكال التمييز واللامساواة التي تؤثر على وضعية المرأة.
لا شك أن هنالك العديد من البوادر الطيبة بدأت تظهر على الساحة الخليجية كغيرها من مناطق العالم العربي التي تأثرت بالانغلاق السياسي والتعتيم الديمقراطي بجميع مظاهره الوطنية والشعبية، وذلك تأسيساً لرؤى جديدة ناحية مزيد من الحوارات الديمقراطية والانفراج السياسي.
لكن، وفي سبيل أن تخرج مثل هذه البوادر إلى أرض الواقع، كان لا بد من منحها الوقت الكافي للحلول التدريجي والتمدد الطبيعي داخل الكيانات ذات الصلة وذات المصالح المباشرة والاهتمام الحقيقي بالمصالح الوطنية الكبرى.
فيما يتعلق بالواقع السياسي لدولة الإمارات العربية المتحدة، فإنه وعلى الرغم من حداثة تكوينها السياسي، إلا أنها قد قطعت شوطاً لا بأس به في هذا المضمار قياساً إلى عمرها الزمني -في مسيرة التحول الديمقراطي الذي بدأت خطواته الأولى بقيام الدولة الاتحادية عام 1971.
والمقصود بالتحول الديمقراطي هنا هو انتقال المجتمع الإماراتي من مجتمع كانت القبيلة والانتماءات القبلية محور ارتكازه الأساسي والعمود الفقري الذي يرتكز إليه البناء الاجتماعي والسياسي، إلى مجتمع أصبحت فيه "الدولة الحديثة" التي تعتمد في إدارة شئون المجتمع على المؤسسات والتنظيمات الحديثة، محور ارتكازه الأساسي.
ولا شك أن هذه النقلة النوعية كان لها تأثيرها الواضح على مختلف أبنية المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، كما كان لها ذات التأثير على مختلف الفئات الاجتماعية داخل المجتمع.
ولا بد أننا بحاجة إلى تسليط الضوء على وضعية المرأة الإماراتية في ارتباطها بمسيرة التحول الديمقراطي التي قطعها المجتمع الإماراتي خلال العقود الثلاثة الماضية، وتداعيات ذلك على وضع المرأة عموماً داخل مجتمع الإمارات.
إذا كانت التنشئة الاجتماعية هي "دمج الفرد في الجماعة وفق أعرافها ومعتقداتها وأنماط سلوكها، فهي بمثابة ولادة اجتماعية ثانية أو تأصيل ثقافي(2)، وفي المجتمع العربي، تختلف عملية التنشئة الاجتماعية للذكور عن الإناث وذلك لأن الثقافة العربية تنوي إعداد هذين الجنسين لمهام مختلفة عليهم أداؤها فيما يستقبلون من حياتهم، وبناءاً على ذلك تبدأ مفارقات التنشئة بينهما.
ولا يمكن التغاضي عن حقيقة أن مثل هذا النوع من التنشئة يفضي إلى زيادة حدة التمايزات بين الجنسين، ويعمق من هذه التمايزات الطابع "الأبوي" للأسرة العربية، وما يتسم به هذا الطابع من علاقات السلطة والخضوع، وتسلط الرجال على النساء وقدسية التراث(3)، ويساهم ذلك بالطبع في إنتاج "ثقافة شعبية" حول المرأة، تستدعي من التراث أول ما تستدعي صورة المخلوق الضعيف الذي يحتاج إلى الوصايا والحفظ، فالتراث بكل صوره وعاداته وقيمه وأمثاله وأقواله وحكمه تركز -حال استدعائها- على فرض الوصايا(4) ولا شك أن كل ذلك يساهم في إنتاج صورة ذهنية تساهم في إنتاج وضعية متدنية للمرأة في المجتمع.
وثمـة مؤسسات أخرى، غير الأسرة، تلعب دوراً أساسياً في التنشئة الاجتماعية، ويأتي على رأسها المؤسسات التعليمية، ووسائل الإعلام الجماهيري، فهذه المؤسسات تقوم بعملية مكملة لعملية التنشئة الاجتماعية ألا وهي عملية التربية أو التكوين.
شهدت المجتمعات العربية، بصورة عامة، -عقب حصولها على الاستقلال- اهتماماً متزايداً بقضية التنمية والتحديث، وتم النظر إلى هاتين القضيتين باعتبارهما الأساس الذي يمكن المجتمعات العربية من اللحاق بالغرب "المتقدم" الذي أصبح نموذجاً يجب أن يحتذى به من جانب المجتمعات العربية "المتخلفة".
وساهمت نظرية "التحديث" التي شاعت داخل الفكر التنموي خلال الخمسينيات والستينيات، في تعميق هذه الرؤية التي باتت تنظر إلى البلدان العربية، وبلدان العالم الثالث عموماً، في ضوء نموذج التطور الذي قطعته المجتمعات الغربية خلال تاريخها السابق، وتبدو المجتمعات العربية -من ثم- مجتمعات تقليدية متخلفة، وإذا أرادت أن تتخلص من تقليديتها وتخلفها فما عليها إلا أن تسير في نفس خط التطور الذي سارت فيه المجتمعات المتقدمة(1)
وساهم ذلك -فيما يتصل بقضايا المرأة- في شيوع النموذج التفسيري الذي أطلقنا عليه "النموذج الاغترابي"، ليفسر قضايا المرأة العربية في ضوء المقارنة بالمرأة الغربية.. وأصبحت وضعية المرأة داخل المجتمع الغربي هي المرجعية التي تقاس بناءاً عليها مدى ما حققته المرأة العربية من تقدم.
يرى هذا النموذج "الاغترابي" أن الأبنية التقليدية والعادات التي تسود داخل المجتمعات العربية هي السبب الأساسي في تخلف وضعية المرأة العربية، ويتسم هذا النموذج بذات السمة التي تسم النموذج البيولوجي، في أن كليهما يناقش قضايا المرأة بمعزل عن سياقها الاجتماعي. فليس "مطلق" العادات أو الأبنية التقليدية هي المسئولة عن تخلف وضع المرأة، بل أن لفظ "التقليدية" ذاته لا يخلو من حكم قيمي.
فقد كان للمرأة حظاً وافراً في المشاركة في أوجه الحياة الاقتصادية والاجتماعية داخل المجتمعات التي تعد "تقليدية" من وجهة نظر مشايعي هذا النموذج التفسيري.
وقد لعـبـت الخبرة الاستعمارية الغربية ذاتها دوراً أساسياً في تشويه هذه الأبنية، وفي حدوث انقطاع بين ماضي هذه الأبنية وحاضرها، وفقدت -من ثم- قدرتها على التطور الذاتي. وكانت المرأة هي أول الضحايا؛ فلم تسفر تجربة الحداثة العربية عن مكاسب جوهرية حققتها المرأة.
والواضح أن التنمية التي تعمد إلى تهميش دور المرأة تفتقر إلى أهم مقوم من مقومات التنمية البشرية، ألا وهو "الإنصاف"، باعتبار أن إتاحة فرص أكثر عدلاً للمرأة، وتمكينها من الحصول على حقها في التعليم والعمل ورعاية الطفل، والمشاركة السياسية، والمناصب الإدارية والاقتصادية سوف يكون له أبلغ الأثر في تنميتها البشرية، "فالاستثمار في قدرات المرأة وتمكينها من ممارسة خياراتها هو أضمن طريق للإسهام في النمو الاقتصادي والتنمية عامة"،(2).
إن الراصد لتأثير مسيرة التحول الديمقراطي على وضعية المرأة في الوطن العربي، يخرج بنتيجة أساسية مفادها أن المكاسب التي حصلت عليها المرأة -بعد عقود من التحول الديمقراطي في الوطن العربي- لا تزال جد متواضعة.
كما تؤكد بعض المؤشرات الإحصائية عن تقرير التنمية البشرية 1999 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، على المكاسب المتواضعة جداً التي حققتها المرأة العربية بعد عقود من التحول الديمقراطي في الوطن العربي، فعلى الرغم من الارتفاع (النسبي) في معدل التحاق الإناث بمراحل التعليم المختلفة، فإن هذا الارتفاع لم ينعكس -إيجابياً- في مشاركة المرأة داخل سوق العمل؛ فما زال سوق العمل يتسم بالطابع الذكوري، كما أن المرأة العربية تبتعد ابتعاداً (شبه) كاملاً عن مراكز اتخاذ القرار السياسي على امتداد ساحة الوطن العربي.
فيما يتعلق بالمجتمع الإماراتي فقد خطا خطوات لا بأس بها في مسيرة التحول الديمقراطي، على الرغم من حداثة التكوين السياسي للدولة، وقد تجسد هذا التحول في تحول البنية القبلية إلى بنية "الدولة الحديثة" التي تعتمد في إدارة شئون المجتمع على المؤسسات والتنظيمات الحديثة.
وكان عام 1971 بداية الانطلاق في مسيرة التحول الديمقراطي لدولة الإمارات، ومنذ ذلك التاريخ، وبعد إعلان قيام دولة الاتحاد، شرعت الدولة في بناء المؤسسات التشريعية والتنفيذية اللازمة لإرساء مقومات الدولة الحديثة والكفيلة بإدارة شئون المجتمع سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
وقد تمكنت دولة الاتحاد من قطع شوط مهم على صعيد بناء الأجهزة الإدارية والبيروقراطية الرسمية، إذ ارتفع عدد المؤسسات في الجهاز الإداري الاتحادي من 14 مؤسسة عام 1972، إلى أكثر من 40 مؤسسة بحلول عام 1994، منها 21 وزارة اتحادية، بالإضافة إلى مؤسسات و هيئات عامة.. كما ارتفع عدد العاملين في المؤسسات الحكومية من 40000 موظف عام 1972، إلى أكثر من 120 ألف موظف بحلول عام 1994 منهم أكثر من 51 ألف موظف في الوزارات الاتحادية. ويلاحظ أن عدد الموظفين في الوزارات الاتحادية ارتفع من 7926 موظفاً عام 1972، إلى 12631 موظفاً عام 1982، و أصبح 15754 موظفاً عام 1988، أي بزيادة قدرها 110% خلال السنوات 1972-1988.(3)
وقد ساهم التوسع في بناء المؤسسات في تحقيق أهم مؤشرات التحول الديمقراطي، وبالتالي مؤشرات اكتمال الدولة العصرية الحديثة.
ويستدعي الحديث عن التحول الديمقراطي في مجتمع الإمارات، وارتباط هذا التحول بالتوسع في بناء مؤسسات الدولة الحديثة، بالحديث عن تطور المجتمع المدني، حيث يعد تطور المجتمع المدني من أهم المؤشرات الدالة على التحول الديمقراطي، وما كان لهذا المجتمع المدني أن ينشأ أو يتسع من دون وجود فئات اجتماعية جديدة خرجت من رحم المؤسسات التعليمية الحديثة، التي ارتبطت في نشأتها بنشأة الدولة الحديثة ذاتها، حيث ارتبط تطور المجتمع المدني ببروز وتطور الطبقة المتوسطة الجديدة، ويستند هذا الدور الطليعي للطبقة المتوسطة الجديدة أساساً إلى امتلاك أفرادها التعليم الجامعي الحديث.. وتمكنهم من قدرات ومهارات تنظيمية وفنية متخصصة تؤهلهم لتولي المناصب الإدارية والقيادية في المجتمع، ولا شك أن هذه التحولات التي ترتبت على التحول الديمقراطي في مجتمع الإمارات، كان لها تجلياتها -الإيجابية والسلبية- على وضعية المرأة داخل المجتمع، وهذا ما توضحه القضية التالية.
بيد أننا لا نبالغ إذا قلنا أن وضعية المرأة داخل المجتمع هي "التيرمومتر" الذي يعكس مدى مصداقية التحول الديمقراطي الحاصل في هذا المجتمع أو ذاك. ذلك لأن "تطوير مكانة المرأة.
ازداد عدد المؤسسات (الثقافية والدينية والتعليمية وغيرها) ذات القيادة النسائية بدولة الإمارات زيادة متواضعة، إذ هنالك ما يزيد عن 20 مؤسسة ثقافية، دينية، اجتماعية،… الخ، ولا شك في أن القيادة النسائية لمؤسسة نسائية وخيرية وثقافية في مجتمع الإمارات هي بؤرة التحول الديمقراطي الذي تتنازعه قوى عديدة ومتباينة بعضها يدفع للانفتاح وأخرى تدفع للانغلاق والتقوقع، في هذا الصدد يلاحظ أن القيادة النسائية في الثقافة، مثلاً، أو غيرها من المؤسسات الإنسانية هي في حد ذاتها جزء من معضلة ممارسة المرأة للحرية والديمقراطية، أجل! إنها جزء لا يتجزأ لكنه فريد وخاص باعتباره خارج إطار المسموح به في مضمار العمل (التدريس، الطب)، مثلاً إنه خارج الإطار لأنه يتضمن مسألتين هامتين: الأولى: إن المرأة هنا تغدو قائدة/زعيمة ثقافية ذات سلطة، فهي من هذه الناحية تشغل مركزاً رفيعاً نسبياً ذا مكانة خاصة في المجتمع، مكانة تقترب من تخوم السلطة المتحكمة صاحبة القرار، أي أنه يختلف عن المكانة المرتبطة بوظيفة مدرسة، معلمة، طبيبة، قابلة، ممرضة، …الخ لأن هذه الوظائف لا تتضمن سلطة عليا/قائدة، تتخذ قرارات لها دلالتها المجتمعية، الثانية: عنصر الكاريزما Charisma الذي طوره ماكس فيبر باعتباره سمة فريدة للقائد المؤثر في أقواله وأفعاله على الجمهور، والكاريزما سمة فريدة، نادرة في وجودها لدى الفاعلين الاجتماعيين، فإذا وجدت في شخصية القائد فهي تعني تأثيراً عميقاً على جمهور (الأتباع) العاملين تحت سلطة الزعيم.(4)
إن المعارضة من جانب القوى الاجتماعية بمختلف أشكالها ودرجاتها يمكن أن تذوب إلى حد كبير تحت تأثير امرأة قائدة تحمل شخصيتها مقداراً ما من الكاريزما، بعبارة أدق، نعود مرة أخرى إلى محاولة فهم وضعية المجتمع الإماراتي بخصوص القيادة النسائية للمؤسسات الثقافية خصوصاً، وعمل المرأة، لنحدد هذه الوضعية على أساس اعتبارها "محصلة" لقوى اجتماعية فاعلة: معارضة ومؤيدة ، كل منها حسب الظروف والقيم والقناعات وشجاعة وتصميم القائدة على متابعة الكفاح.
وعند مقاربة الوضع التعليمي للإناث في دولة الإمارات بحجم وجودها الفعلي في مواقع اتخاذ القرار، نلاحظ أن تعليم المرأة في دولة الإمارات العربية حظي باهتمام كبير ولاقي قبولاً واسعاً، وقد تحققت للمرأة في مجال التعليم إنجازات عديدة، فقد حرصت الدولة في الفترة التنموية الأولى على عطاء دفعة قوية للتعليم كما قامت السياسة التعليمية على مبدأ تكافؤ الفرص بين الذكور والإناث، والمتابع للإحصاءات الخاصة بتطور أعداد الطالبات المواطنات، يلحظ مدى الاهتمام الذي تلقاه المرأة في المجال التعليمي خلال عقد التسعينيات.
باختصار، فالمجتمع الإماراتي بعد مرحلته الانتقالية بدخوله القرن الحادي والعشرين يؤكد على شئ هام وهو أن هذا المجتمع سوف يحافظ على أصالته وقيمه العربية والإسلامية مع مراعاة تحقيق متطلبات وظروف وخصائص المجتمعات الحديثة.
وفيما يتصل بالنصوص الدولية نجد منها ما هو عام ويتعلق بحقوق الإنسان امرأة كانت أم رجل، ومنها ما هو خاص يتعرض لحقوق المرأة على وجه الحصر، وتتمثل النصوص العامة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 والعهد الدولي المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الاختياري الملحق به، وقد وقعت المصادقة على هذه المعاهدات من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1966 وتنص كلها على مبدأ المساواة بين الجنسين وتضمن للإنسان بصورة عامة رجلا وامرأة على حد سواء مجموعة من الحقوق الفردية والاجتماعية والسياسية (5).
تنص معظم دساتير البلدان العربية على كونها تكفل للمرأة والرجل على حد سواء حق الترشيح وحق التصويت في الانتخابات السياسية وإبداء الرأي في الاستفتاءات وذلك في كل من المغرب ولبنان والأردن وموريتانيا وتونس ومصر، لكن ثمة بلدان أخرى لا تعطي المرأة هذا الحق؛ وإن كانت تعطيها الحق في تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها.
لكن واقع الحال يشير إلى أن المرأة العربية لا تتمتع بكامل حقوقها السياسية بصورة جدية ولا تتمتع بمشاركة فعالة في الحياة السياسية وذلك لعدة أسباب نستطيع حصرها إلى النحو التالي:
1-إن العمل السياسي في البلدان العربية لا يزال في حد ذاته يشكو عدم التركيز والعمق والفاعلية فحتى مشاركة الرجال تتميز بالعديد من النقائض وعدم التركيز.
2-إن التشريعات العربية لم تقم بوضع تدابير خاصة لحث النساء على العمل السياسي بمعنى تخفيض مناصب للنساء داخل المؤسسات المنتجة.
3- العديد من المجتمعات لم تقبل حتى الآن الاعتراف بقدرة المرأة على المشاركة في الحياة السياسية وتقلد مناصب قيادية.(6)
إلا أنه تجدر الإشارة إلى حقيقة هامة وهى انه رغم هذه العوامل والعوائق التي تحد من مشاركة المرأة من الناحية السياسية إلا أن كثيراً من البلدان العربية قد أعطت للمرأة مناصب قيادية (وزراء نساء) باستثناء بعض البلدان على سبيل المثال لا الحصر لبنان وأن العديد من المجالس المنتخبة تضمن نساء وأن كان وجودهن لا يتساوى مع حجمهن العددي وقدراتهن الفعلية ولكننا نستطيع القول إنها خطوة على الطريق وبداية فعلية واقعية لمشاركة المرأة العربية أن تأخذ خطوات لاحقة أكثر إيجابية.
وقد حظيت المرأة العربية علي بعض المراكز السياسية في بعض البلدان العربية، وأعتقد أن للحركات النسائية دور هام فيها، فكلما اتسع نطاقها وازداد حجمها وتأثيرها كان لها دوراً بارزاً في تمثيل المرأة ووضعها ضمن النسق السياسي القائم، أو على الأقل احتوائها حتى ولو كان ذلك بقدر بسيط، إلا أنه في حقيقة الأمر مؤشر هام للاعتراف بها ودورها السياسي.
بصورة عامة، يمكن القول بأن هدف ضمان حقوق المرأة في المشاركة في آليات ومواقع القرار لا يزال بعيداً فهناك ضعف واضح لتمثيل المرأة في الوظائف القيادية العليا ومواقع التأثير وتوجيهه، وعلى الرغم من انه لا توجد هناك نصوص قانونية صريحة تميز بين الرجل والمرأة في مجال تولى المناصب السياسية والإدارية العليا إلا أن النظرة الفاحصة تكشف لنا أن التمييز يأخذ أبعاداً اجتماعية واقتصادية وسياسية مؤثرة اكثر مما لو كان هناك قانونا مكتوبا يساهم في تهميش المرأة وتغييبها عن مراكز اتخاذ القرار.
ففي مجال الحقوق السياسية من الواضح أن المرأة في منطقة الخليج عموماً كما في العديد من الدول العربية الأخرى، لا تزال محرومة من المشاركة السياسية. تلك المشاركة التي تعرفها استراتيجيات نيروبي التطلعية للنهوض بالمرأة بأنها تتركز في احترام حقوق المواطن الاجتماعية وفى مشروعيته في التعبير عن أفكاره ضمن إطار ومؤسسات المجتمع بالمساهمة والممارسة في عملية اتخاذ القرارات أو في السياسات المجتمعية سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.(7)
إن حرمان المرأة من حقوقها السياسية وغياب تمثيلها في الوظائف القيادية العليا ومحدودية فعاليتها في اتخاذ القرار واقتصار مشاركتها على وظائف تقليدية محدودة، سيعرقل تحقيق أي تقدم أو تنمية منشودة ترتكز على المساواة بين الجنسين وصولا إلى تعزيز حقيقي لنوعية الحياة ولذلك فان توقيع اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة يظل ضرورة ملحة ومطلب أساسي.
لذلك، فلا بد، إذن، من محاولة التوصل إلى صياغة رؤية مستقبلية لتعزيز المساعي الديمقراطية في أقطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية، هذه البلدان التي يمكن اعتبارها على التاريخ الطويل حديثة العهد نسبياً بمثل هذه الطروحات.
لا بد أن تعزيز المساعي الديمقراطية، يتوقع أن يبدأ نشوئياً ويتطور تدريجياً في المحيط العام للفرد والمجتمع، كما لا بد من تتبع مسار النشوء الديمقراطي وتطوره عبر الأجيال، بل وغرس المفاهيم الديمقراطية في الأفراد انطلاقاً من الأسرة ومروراً بالمدرسة ووسائل التنشئة الاجتماعية المتعددة، فحين نستعرض المعنى المعجمي لمفهوم التربية الديمقراطية، نجدها يقصد بها: "نظام اجتماعي يؤكد على قيمة الفرد وكرامته، وشخصيته الإنسانية، ويقوم على أساس مشاركة أعضاء المجتمع (أو الأسرة) في إدارة شئونه، وتتخذ المشاركة فيه أنماطاً مختلفة"(معجم مصطلحات التنمية الاجتماعية والعلوم المتصلة بها) أي، فهي نظام شمولي يتضمن جميع مناحي الحياة.
إن مفهوم "الحريّة"، شأنه كشأن مفهوم "الديمقراطية"، له مضامينه المختلفة. فالحريّة الاجتماعية قد تعني حق الفرد في ثروة مجتمعه، وفي الحصول على مكافأة عادلة لجهده في المجتمع، وفي حقه في مستوى معيشة لائق. والحريّة الشخصية تعني الإبداع الفكري والحضاري وحريّة اختيار العمل، والحريّة السياسية تعني المشاركة في اتخاذ القرار والحق في المعارضة.
فالحرية والديمقراطية مظهران من مظاهر التغييرات التي يمر بها المجتمع العربي في تجاربه التنموية، إذ أنها بعد أساسي في تجارب المجتمعات. ولذلك فهي تُعتبر عملية تاريخية لا تتحقق بمجرد إصدار قرار سياسي. وتعني في المقام الثاني، التعرض لوضعية المرأة في أزمنة الحرية والديمقراطية في الوطن العربي. فقضايا المرأة تبرز مظاهر السيطرة الاستعمارية على أوجه الحياة العربية ماضياً وحاضراً وربما مستقبلاً.
أما الديمقراطية في المصطلح الحديث، فتعني حرية الفرد، مشتملة على المواطنة، والحقوق والمسئوليات، من أجل النهوض بالوظائف التي يختارونها دون تفرقة، في التعليم دون النظر للخلفية الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية، أو العرقية، أو الجنس، واللون، وأنها تعني الحق في الحياة، والتعبير عن الرأي، والمعتقد، دون معوقات، أو تهديد، وأن تختار الشعوب مصيرها." (Democracy,Microsoft Encarta, 1998 Encycolopedia).(8)
إن دراسة وضعية المرأة في هذا الوطن، لا تعني التَّعرض لمسألة نسائية بحتة، وإنما تعني التعرض لدور المرأة في عمليات التغييرات، وفي تجارب الحريّة والديمقراطية التي يُفترض فيها مشاركة المرأة للرجل في تغيير الأوضاع المتخلفة، وبخاصة فيما يتعلّق بدورها ومكانتها الدولية انطلاقاً من أن معالجة وضعية المرأة في المجتمعات العربية هي جزء لا يتجزأ من معالجة هذه المجتمعات، ومن دراسة واقعها التاريخي، ومشاكلها التي أفرزها التغيير السريع الذي تمرّ به اليوم.