الحصن النفسي
يتمتع الناجحون بصفتين أساسيتين هما:
الحزم والحسم معا..
فالحزم هو :
"بإحالة الرأي" و "النظر في العواقب، ومشاورة ذوي العقول"
أما الحسم فهو:
القطع، والعزم. و"إذا اقترن العزم بالحزم كملت السعادة" إذ "لا خير في عزم بلا حزم".
من هنا فإن "الحزم أسد الآراء".
أما العزم فإن :
"ثمرته الظفر" فإن "عزيمة الخير تطفئ نار الشر" ولذلك فـ "من ساء عزمه رجع عليه سهمه".
وكما قال أحدهم فإنه لا تبلغ الغايات إلا بالحزم، وحصافة الرأي. فالأمر الذي لا جدال فيه
أنه ما من رجل يستطيع أن يدرك النجاح إن لم يكن حازما مع نفسه.
وحينما يقترن الرأي الحصيف بالحسم الصحيح تكون النتيجة من أفضل ما يتوقع..
إن الحازم لا يقرر إلا بعد تفكير.
أما الحاسم فلا يؤخر العمل عن وقته ولهذا فإن الفرص لا تدخل شباكه إلا ويصيدها،
و"أحزم الناس رأيا من أنجز وعده، ولم يؤخر عمل لغده".
يقول أحد الناجحين:
"ما أخذت أمرا قط بحزم ولمت نفسي فيه، وإن كانت العاقبة ضدي.
ولا أخذت أمرا قط وضيعت الحزم فيه، إلا لمت نفسي عليه، وإن كانت العاقبة لي فيه..".
حقا إن صفتي الحزم والحسم ضروريتان لكل من يبتغي تطوير نفسه، وعمله.
. فبدونهما يتوقف كل شيء عن النمو..
وفي الحقيقة فإن النجاح تحكمه المعادلة التالية:
لأن الحزم من أسباب النجاح،
فإن الطيش من أسباب الفشل،
ولأن الثقة من أسباب النجاح،
فإن التردد من أسباب الفشل.
فهل رأيت إنسانا ناجحا لم يكن يتمتع بالثقة بالنفس، والحزم في اتخاذ القرار، والشجاعة في الإقدام؟
فمن أراد النجاح فلا بد من أن يضع التردد جانبا.
فالتردد مقبول قبل اتخاذ القرار، وهو من طبيعة التعقل، ولكنه ليس مقبولا بعد اتخاذ القرار.
إن البعض قد يكون عجولا حينما يتخذ القرار ثم يتردد بعد ذلك في تنفيذ ما اتخذ القرار بشأنه،
فهو يرتكب الخطأ مرتين :
· مرة حينما لا يتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب،
· ومرة حينما لا ينفذ ما قرره، ويتركه يموع كما يموع الثلج مع إشراقة الشمس عليه.
وهكذا فإن من يريد النجاح يجب ألا يكون مترددا، بمقدار ما يجب عليه ألا يكون متسرعا.
فكل من التسرع والتردد يؤديان إلى الفشل لأنهما طرفا الاعتدال، الذي هو ضروري لإحراز النجاح.
ولقد وجدت بالتجربة، أن المترددين ينتهي بهم الأمر في نهاية المطاف إلى أحد أمرين :
· إما خسارة الزمن، ومن ثم تغير المعادلة، حيث لا ينفع العزم بعد ذلك،
· وإما إلى التراجع والفرار..
ولذلك فإن تردد نصف ساعة قد يخسرهم مقدار نصف قرن من الأتعاب.
ولو راجع أحدنا تواريخ فشله وخسائره، لوجد أن ما لا يقل عن نصفها كان
يمكن تداركه لو لم يتردد في الأمور.
فكم من شباب خسروا وظائف هامة لأنهم ترددوا لحظة من الزمن؟.
وكم من شعوب خسرت مستقبلا لأنها ترددت بعض الوقت؟.
إن نصف : لا.. ونصف: نعم لا يؤدي إلى شيء.
لأننا لا نجد نصف نهار ونصف ليل، ولا نصف حق ونصف باطل، ولا نصف ثلج ونصف نار،
ولا نصف طيب ونصف خبيث..
فلماذا التردد في الأمور؟
يقول الإمام علي رضي الله عنه : "الشك على أربع شعب، على التماري، والهول،
والتردد، والاستسلام. فمن جعل المراء ديدنا لم يصبح ليله، ومن هاله ما بين يديه نكص على عقبيه، ومن تردد في الريب
وطئته سنابك الشياطين، ومن استسلم لهلكة الدنيا والآخرة هلك فيهما".
فالتردد يجعلك مسرحا لخيول الأبالسة، تطأك بأقدامها، وتضيع عليك فرص الخير جميعا.
فمن أراد النجاح فليعمل بهذا القول الرائع للإمام علي رضي الله عنه
: "لا تجعلوا علمكم جهلا ويقينكم شكا، إذا علمتم فاعملوا. وإذا تيقنتم فأقدموا".
فإذا واجهك أمر كان لا بد من أن تفعل شيئا بشأنه، فإن الأمر لا يخلو من حالتين:
· فإما أن لك علما به، وإحاطة بجوانبه
· وإما أنك تجهله تماما.
فإذا كنت تعلم ماذا يجب أن تعمل، فلا تتردد في الإقدام وإلا فابحث عن المعرفة اللازمة له..
وهذا يعني أن عليك على كل حال أن تعمل شيئين:
· إما أن تقدم باتخاذ الموقف اللازم
· وإما أن تعمل لتحصيل العلم بما يلزم..
وإلا تكون قد بذلت علمك جهلاً ويقينك شكًا ..
م
يزاج ربي الخير وما قصرتي..
موضوع طيب