تخطى إلى المحتوى

طلب بحث عن عالمية الرسالة ووظيفة الأمة الاسلامية – الامارات 2024.

  • بواسطة

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ممكن بحث عن عالمية الرسالة ووظيفة الأمة الاسلامية خليجيةخليجية
ارجو ان لا يقل عن 10 صفحات وموثق خليجيةخليجية

و لكم جزيل الشكر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اختي شوفي هاي المقال ممكن يساعدج في عمل البحث.


قد يستنكر البعض طرح هذا السؤال ،معتبرا أنه من البديهيات في الإسلام،و لكن الحق أن العديد من المفكرين و الباحثين من المسلمين و غيرهم ينفون هذه العالمية ويعتقدون أن الرسالة كانت خاصة بالعرب ثم استحالت رهانا عولميا للإسلام بعد استقوائه على مكونات المجال الذي انطلق منه، فهل عالمية الإسلام مكون أصيل منه أم هو تكتيك توسعي فقط؟
منذ اللحظة الأولى التي ظهر فيها الإسلام انطبع بالخصوصية العربية المحلية لتكون له عامل قوة ودفع، بعد أن يسهل تمثله والاعتقاد به، لكنه كشف في هذا الوقت المبكر عن نزوعه نحو العالمية كهدف نهائي سوف يتم بناء الشروط الموضوعية لتحقيقه.ولم يكن ذلك من باب التكتيك الإيديولوجي ،كما يدعي من يسمون الإسلام بالمحلية الضيقة المنغلقة،بل نجد أن خاصية العالمية رافقت الإسلام منذ النشأة الأولى، تقرر ذلك الآيات المكية التي صدحت بذلك، والرسول الكريم (ص)لا يكاد يؤمن به أقرب المقربين إليه والدعوة في غاية الضعف .مثل قوله تعالى :(وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) {الأنبياء107}وقوله تعالى :(وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا و نذيرا.) {سورة سبأ،الآية28}. رغم أن العرب كانوا مادة الرسالة الأولى إلا أن ذلك لم يكن لإقليمية ضيقة ،بل لمميزات خاصة في العرب أهلتهم ليكونوا أول من تحمل الرسالة وهي صفات لم تجتمع يومئذ في غيرهم.
و يفسر ابن باديس قوله تعالى «لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ.. أَفَلا تَعْقِلُونَ» ؟ بسبب من هذا الكتاب ذكرت هذه الأمة في الأرض وكان لها دورها في التاريخ وكان لها «وجود إنساني» ابتداء، وحضارة عالمية ثانياً.»، فأساس العالمية الإسلامية هو القرآن ، فقد» جاء هذا الكتاب لينشئ أمة وينظم مجتمعا، ثم لينشئ عالماً ويقيم نظاماً. جاء دعوة عالمية إنسانية لا تعصب فيها لقبيلة أو أمة أو جنس إنما العقيدة وحدها» و»يرسم الغاية من تنزيل الفرقان على عبده.. «لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً» .. وهذا النص مكي، وله دلالته على إثبات عالمية هذه الرسالة منذ أيامها الأولى. لا كما يدعي أن الدعوة الإسلامية نشأت محلية، ثم طمحت بعد اتساع رقعة الفتوح أن تكون عالمية. فهي منذ نشأتها رسالة للعالمين، طبيعتها طبيعة عالمية شاملة، ووسائلها وسائل إنسانية كاملة وغايتها نقل هذه البشرية كلها من عهد إلى عهد، ومن نهج إلى نهج. عن طريق هذا الفرقان الذي نزله الله على عبده ليكون للعالمين نذيرا، فهي عالمية للعالمين والرسول يواجه في مكة بالتكذيب والمقاومة والجحود..»
وقال الطبري في تفسير قوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} الأعراف آية (158) . يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم «قل» يا محمد للناس كلهم: «إني رسول الله إليكم جميعاً» لا إلى بعضكم دون بعض».وأخرج البخاري في صحيحه حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه وفيه: «وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة وأعطيت الشفاعة».
فالخصوصية الحضارية الأولى لهذه الرسالة أنها عالمية.
ولكن القول بالخصوصية الحضارية الإسلامية قد يفرض على المسلمين عزلة عن العالم، والقول بعالمية الإسلام قد يكون مدخلا لإلغاء خصوصيات الآخر إذا تمكن المسلمون من الخروج من التخلف إلى التقدم و الريادة الحضارية.يعزز ذلك الاعتقاد الاحتراز المنهجي الذي أثاره سعيد شبار ، وهو أن“التشديد على العالمية قد يكون على حساب الخصوصية،و التشديد على الخصوصية قد يكون على حساب العالمية وكأن هناك تعارض بينهما يقضي أن لا يقوم أحدهما إلا على أنقاض الآخر“
والجواب كامن في عالمية الإسلام ذاتها، فعالميته ليس لها نفس دوافع و تجليات العولمة الغربية . إن الإسلام ينظر إلى الآخر كأمة دعوة ،وعلى أمة الإجابة أن تصل إليه، متمثلة دينا مرجعه الأساسي هوالقرآن الذي من أهم خصائصه الهيمنة و التصديق،وهو “مفهوم واضح في تقرير أصل الاستمرارية والتواصل في رسالات السماء(التصديق)،و في الاستيعاب التقويمي و التصحيحي النهائي الذي قامت به رسالة الختم (الهيمنة)“.هو دين يستوعب الأديان كلها و الحضارات جميعها و كل الأنساق الثقافية التي كانت حال نزوله و المستمرة حال تنزله، لأنه يستوعب الزمان و المكان و الإنسان.
إذا نظرنا إلى خاصية الاستيعاب نجدها تتنافى مع خاصية الاستبعاد والاستعباد التي تتسم بها العولمة الغربية . و إذا أضفنا إليها خاصية التصديق، وجدنا أن كل إنسان و كل الجماعات البشرية تجد ذاتها وتاريخها و سمات حضارتها في هذا الدين،فتكون بالتالي دعوة الآخر إلى أخذ مكانه تحت ظل عالمية الرسالة الإسلامية ليس فيها إهدار لخصوصيته و هويته ،بل على العكس من ذلك هي دعوة له، في الحقيقة، إلى التمسك بأخص خصائصه ،إنسانيته و كرامته و استخلافه في الكون المسخر له.
وبهذا المعنى ،لن تكون الأمة الإسلامية مسلطة على رقاب العالم تسومهم الخسف والدمار والاستعباد، بل ستلعب دور الوسطية و الشهود الحضاري الذي تنقل من خلاله الخير للعالم استجابة لأمر ربها (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر و تؤمنون بالله)،بدون هضم أو ظلم إذ (لا إكراه في الدين). وتاريخ عالمية الإسلام الأولى شاهد على تميز النسق الحضاري الإسلامي بعدم استعباد شعوب المناطق المفتوحة .
فالعالمية وظيفة التبليغ و الشهادة المنوطة بالأمة الإسلامية ،كوعاء شرعي و تاريخي وواقعي،منطلقة من خصوصياتها الحضارية ساعية إلى إيصال خيرها للعالم و الشهادة عليه،واخترنا أن نطلق الخصوصية الحضارية عوض الثقافية درءا للتخوف المحتمل من غزو فكري لفئة ضيقة و لو كانت البادئة بنشر الرسالة.والخصوصية بهذا المعنى لن تكون رد فعل على قوة النموذج العولمي الغربي ،بل هي من منطلق العالمية الإسلامية التي لا تتوخى محو الشخصية الثقافية للجميع ،بل تمد يد الحوار و التعاون والتآخي للعالم أجمع، انطلاقا من خلفيات دعوية انفتاحية،من أجل التعاون على حل مشكلات الإنسان ،إذ التعاون و“الإسهام في حل المشكلات العامة هو جزء من حل المشكلات الخاصة،سواء تعلق الأمر بمشكلات الإنسان أو الطبيعة أو البيئة أو غيرها».
إذن القول بالعالمية الإسلامية لا ينافي الخصوصية ،فإذا كانت العولمة نظاما يعمل على إفراغ الهوية الجماعية من كل محتوى وقمع و إقصاء وتمييع الخصوصية أو الاعتداء على الآخر بسلبه خصوصيته ،فإن العالمية تنفتح على ما هو عالمي و كوني رغبة في التلاقح و الحوار.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.
.
يعطيه العافية ريح
وانا بعد حصلت هالبحث

في عالمية رسالة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وخاتميتها
تمتاز الشريعة الإسلامية بنقطتين رئيستين : الأولى : عالميتها وشموليتها . الثانية : كونها خاتمة الشرائع . أما الأولى : فمعناها أن دعوتها عالمية لا تنحصر بإقليم معين ، وهي من أبرز الملامح التي يستهدفها القرآن في دعوته ورسالته . يقول سبحانه : { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا } ( 1 ) .
ويقول أيضا : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } ( 2 ) .
وقال سبحانه : { قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا . . . } ( 3 ) .
____________________
( 1 ) الفرقان : 1 .
( 2 ) سبأ : 28 .
( 3 ) الأعراف : 158 . ( * )
—–

لقد بعث الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) سفراءه إلى أنحاء المعمورة لنشر دعوته فيها وبيد كل واحد منهم كتاب يعبر عن عالمية دعوته ، فقد بعث إلى قيصر الروم ، وكسرى فارس ، وعظيم القبط ، وملك الحبشة ، والحارث بن أبي شمر الغساني ملك تخوم الشام ، وحوزة بن علي الحنفي ملك اليمامة ، وغيرهم من ملوك العرب وشيوخ القبائل والأساقفة ، والمرازبة ، والعمال ، وهذه المواثيق أوضح دليل على أن رسالته عالمية لا تحد بحد ، بل تجعل الأرض كلها ساحة لإشاعة دينه وتطبيق شريعته .
هذا والبراهين على عالمية دعوته كثيرة لا مجال لذكرها .
نعم ربما قد تظهر بعض المغالطات من النصارى القدامى في هذه النقطة ، حيث حاولوا تحجيم أمر الرسالة وتخصيصها بمكان وعنصر خاصين ، وليست شبهاتهم قابلة للذكر .
كيف وبيانات القرآن وخطاباته للبشر كافة ومواثيق الرسول ودعواته المتجاوزة حدود الجزيرة العربية ، واجتياح جيوش المسلمين ورجالهم أرض غير العرب ، واستقرار الأمة الإسلامية في أكثر مناطق المعمورة بل معظمها يومذاك ، أبطلت هذه المغالطات وجعلتها في مدحرة البطلان ، ولذلك نعود إلى الملمح الثاني من ملامح الشريعة الإسلامية ، في بحثنا وهو خاتميتها ، وهي تعني : أنها آخر الشرائع ، وأن المبعوث بها هو خاتم الأنبياء ، فشريعته خاتمة الشرائع ، وهذا ما نحاول دراسته في هذه الرسالة ، ونستدل عليه عن طريق الكتاب والسنة ونحلل الإشكالات المثارة حوله.

الخاتمية في الذكر الحكيم :
اتفقت الأمة الإسلامية – عن بكرة أبيها – على أن نبيهم محمدا ( صلى الله عليه وآله ) خاتم النبيين ، وأن دينه خاتم الأديان ، وكتابه خاتم الكتب والصحف ، فهو ( صلى الله عليه وآله ) آخر السفراء الإلهيين ، أوصد به باب الرسالة والنبوة ، وختمت به رسالة السماء إلى الأرض .
لقد اتفق المسلمون كافة على أن دين نبيهم دين الله الأبدي ، وكتابه كتاب الله الخالد ودستوره الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وقد أنهى الله إليه كل تشريع وأودع فيه أصول كل رقي ، وأناط به كل سعادة ورخاء ، فاكتملت بدينه وكتابه الشرائع السماوية التي هي رسالة السماء إلى الأرض .
توضيحه : أن الشريعة الإلهية الحقة التي أنزلها الله تعالى إلى أول سفرائه لا تفترق جوهرا عما أنزله على آخرهم ، بل كانت الشريعة السماوية في بدء أمرها نواة قابلة للنمو والنشوء ، فأخذت تنمو وتستكمل عبر القرون والأجيال ، حسب تطور الزمان وتكامل الأمم ، وتسرب الحصافة إلى عقولهم ، وتسلل الحضارة إلى حياتهم .
ويفصح عما ذكرنا قوله سبحانه : { شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا . . . } ( 1 ) فقد وصى نبينا محمدا بما وصى به نوحا ، من توحيده سبحانه وتنزيهه عن الشرك ، والدعوة إلى مكارم الأخلاق والتنديد بالجرائم الخلقية ، والقضاء على أسبابها ، إلى غير ذلك مما تجده في صحف الأولين والآخرين .
وتتجلى تلك الحقيقة الناصعة ، أي وحدة الشرائع السماوية من مختلف
_____________________
( 1 ) الشورى : 13 . ( * )
—–

الآيات في شتى المواضع ، قال سبحانه : { إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ } ( 1 ) وظاهر الآية يعطي أن الدين عند الله – لم يزل ولن يزال – هو الإسلام في طول القرون والأجيال ، ويعاضدها قوله تعالى : { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ } ( 2 ) .
وقال سبحانه في مورد آخر مخطئا مزعمة اليهود والنصارى في رمي بطل التوحيد إبراهيم باليهودية والنصرانية قال : { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } ( 3 ) .
فحقيقة الشرائع السماوية في جميع الأدوار والأجيال كانت أمرا واحدا وهو التسليم لفرائضه وعزائمه وحده جل وعلا .
ولأجل ذلك كتب الرسول إلى قيصر عندما دعاه إلى الإسلام ، قوله سبحانه : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } ( 4 ) .
وقد أمر سبحانه في آية أخرى رسوله بدعوة معشر اليهود أو الناس جميعا إلى اتباع ملة إبراهيم قال سبحانه : { فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } ( 5 ) .
وصرح سبحانه بأن كل نبي جاء عقب نبي آخر ، كان يصرح بأنه مصدق بوجود النبي المتقدم عليه وكتابه ودينه ، فالمسيح مصدق لما بين يديه
________________
( 1 ) آل عمران : 19 .
( 2 ) آل عمران : 85 .
( 3 ) آل عمران : 67 .
( 4 ) السيرة الحلبية 2 : 275 ، مسند أحمد 1 : 262 . والآية هي الرابعة والستون من سورة آل عمران .
( 5 ) آل عمران : 95 . ( * )
—–

من التوراة ومحمد ( صلى الله عليه وآله ) مصدق لما بين يديه من الكتب وكتابه مهيمن عليه ، كما قال سبحانه : { وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ } ( 1 ) ، { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ } ( 2 ) .
وهذه النصوص كلها تعبر عن وحدة أصول الشرائع وجذورها ولبابها .
وعلى هذا فرسالة السماء إلى الأرض ، رسالة واحدة في الحقيقة مقولة بالتشكيك ، متكاملة عبر القرون جاء بها الرسل طوال الأجيال وكلهم يحملون إلى المجتمع البشري رسالة واحدة ، لتصعد بهم إلى مدارج الكمال ، وتهديهم إلى معالم الهداية ومكارم الأخلاق .
نعم كان البشر في بدايات حياتهم يعيشون في غاية البساطة والسذاجة ، فما كانت لهم دولة تسوسهم ، ولا مجتمع يخدمهم ، ولا ذرائع تربطهم ، وكانت أواصر الوحدة ووشائج الارتباط بينهم ضعيفة جدا ، فلأجل ذاك القصور في العقل ، وقلة التقدم ، وضعف الرقي ، كانت تعاليم أنبيائهم ، والأحكام المشروعة لهم طفيفة في غاية البساطة ، فلما أخذت الإنسانية بالتقدم والرقي ، وكثرت المسائل يوما فيوما ، اتسع نطاق الشريعة واكتملت الأحكام تلو هذه الأحوال والتطورات . فهذه الشرائع ( مع اختلافها في بعض الفروع والأحكام نظرا إلى الأحوال الأممية والشؤون الجغرافية ) لا تختلف في أصولها ولبابها ، بل كلها تهدف إلى أمر واحد ، وتسوق المجتمع إلى هدف مفرد ، والاختلاف إنما هو في الشريعة والمنهاج لا في المقاصد والغايات كما قال سبحانه : { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ
_______________
( 1 ) المائدة : 46 .
( 2 ) المائدة : 48 . ( * )
—–

شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ } ( 1 ) .
وقال سبحانه : { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } ( 2 ) .
وخلاصة القول : إن السنن مختلفة ، فللتوراة شريعة ، وللإنجيل شريعة ، وللقرآن شريعة ، ولكن الدين هو الأصول والعقائد والأحكام التي تساير الفطرة الإنسانية ولا تخالفها واحدة منها . وهاتان الآيتان لا تهدفان إلى اختلاف الشرائع في جميع موادها ، ومواردها اختلافا كليا بحيث تكون النسبة بينها نسبة التباين ، كيف وهو سبحانه يأمر نبيه بالاقتداء بهدى أنبيائه السالفين ويقول : { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ } ( 3 ) . نعم جاءت الرسل تترى ، وتواصلت حلقات النبوة في الأدوار الماضية إلى أن بعث الله آخر سفرائه فأتم نعمته وأكمل به دينه ، فأصبح المجتمع البشري في ظل دينه الكامل ، وكتابه الجامع ، غنيا عن تواصل الرسالة وتعاقب النبوة ، وأصبح البشر غير محتاجين إلى إرسال أي رسول بعده ، إذ جاء الرسول بأكمل الشرائع وأتقنها وأجمعها للحقوق وبكل ما يحتاج إليه البشر في أدوار حياتهم وأنواع تطوراتهم ، وفي الوقت نفسه فيها مرونة تتمشى مع جميع الأزمنة والأجيال ، من دون أن تمس جوهر الرسالة الأصلي بتحوير وتحريف .
_______________
( 1 ) المائدة : 48 أي جعلنا لكل من موسى وعيسى ومحمد ( عليهم السلام ) أو لكل من أمم التوراة والإنجيل والقرآن شريعة وطريقا خاصا إلى ما هو الهدف الأقصى من بعث الرسل ومنهاجا واضحا ، والاختلاف بين الكتب والشرائع جزئي لا كلي ، والنسخ في بعض الأحكام لا في جميعها .
( 2 ) الجاثية : 18 .
( 3 ) الأنعام : 90 . ( * )

.
.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.