تخطى إلى المحتوى

بيعة الأنصار الأولى والثانية 2024.

بيعة الأنصار الأولى والثانية
بعد رجوع وفد أهل المدينة إلى أرضهم ـ كما مر ـ أخبروا أهلها بأنهم لم يجروا أي اتفاق مع زعماء قريش. بل التقوا بنبي الإسلام (صلّى الله عليه وآله) الذي كانت اليهود تتوعدهم به وبايعوه، فعم الخبر جميع أهل المدينة، واستبشر بعضهم به، وفي العام الثاني أرسلوا إلى الرسول (صلّى الله عليه وآله) وفداً يضم اثني عشر رجلاً، فواجهوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وبايعوه في العقبة، وسميت هذه البيعة ببيعة النساء، أو بيعة العقبة الأولى، وكانت هذه البيعة تنص على أن لا يشركوا بالله ولا يسرقوا، قال عبادة بن الصامت: بايعنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ليلة العقبة الأولى، ونحن اثنا عشر رجلاً، أنا أحدهم، فلما انصرفوا بعث معهم مصعب بن عمير إلى المدينة يفقه أهلها ويقرئهم القرآن[1]. وكان ذلك في السنة الثانية عشرة للبعثة الشريفة كما جاء في بعض كتب الأخبار[2].
وكذلك روي أنه: في السنة الثالثة عشرة كانت بيعة العقبة الثانية، وذلك أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) خرج إلى الموسم، فلقيه جماعة من الأنصار، فواعدوه عند العقبة أوسط أيام التشريق، قال كعب بن مالك: اجتمعنا في الشعب عند العقبة، ونحن سبعون رجلاً، ومعهم امرأتان من نسائهم.. فبايعنا وجعل علينا اثنا عشر نقيباً منا، تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس، ثم أمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أصحابه بالخروج إلى المدينة، فخرجوا أرسالاً، وأقام هو بمكة ينتظر أن يؤذن له[3].
وروي: فلما قدمت الأوس والخزرج مكة، جاءهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال لهم: «تمنعون لي جانبي حتى أتلو عليكم كتاب ربكم وثوابكم على الله الجنة؟ ».
قالوا: نعم يا رسول الله، فخذ لنفسك وربك ما شئت.
فقال: «موعدكم العقبة في الليلة الوسطى من ليالي التشريق».
فلما حجوا رجعوا إلى منى، وكان فيهم ممن قد أسلم بشر كثير، وكان أكثرهم مشركين على دينهم وعبد الله بن أبي فيهم، فقال لهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في اليوم الثاني من أيام التشريق: «فاحضروا دار عبد المطلب على العقبة ولا تنبهوا نائما، وليتسلل[4] واحد فواحد». وكان رسول الله نازلاً في دار عبد المطلب، وحمزة وعلي والعباس معه، فجاءه سبعون رجلا من الأوس والخزرج، فدخلوا الدار، فلما اجتمعوا قال لهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «تمنعون لي جانبي حتى أتلو عليكم كتاب ربكم وثوابكم على الله الجنة؟ »
فقال أسعد بن زرارة والبراء بن معرور وعبد الله بن حزام: نعم يا رسول الله، فاشترط لنفسك ولربك.
فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «تمنعوني مما تمنعون أنفسكم، وتمنعون أهلي مما تمنعون أهليكم وأولادكم؟ »
قالوا: فما لنا على ذلك؟
قال: «الجنة، تملكون بها العرب في الدنيا، وتدين لكم العجم، وتكونون ملوكا».
فقالوا: قد رضينا.
فقام العباس بن نضلة وكان من الأوس فقال: يا معشر الأوس والخزرج، تعلمون على ما تقدمون عليه؟ إنما تقدمون على حرب الأبيض والأحمر، وعلى حرب ملوك الدنيا، فإن علمتم أنه إذا أصابتكم المصيبة في أنفسكم خذلتموه وتركتموه فلا تغروه، فإن رسول الله وإن كان قومه خالفوه فهو في عز ومنعة.
فقال له عبد الله بن حزام وأسعد بن زرارة وأبو الهيثم بن التيهان: ما لك وللكلام يا رسول الله، بل دمنا بدمك، وأنفسنا بنفسك، فاشترط لربك ولنفسك ما شئت.
فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا يكفلون عليكم بذلك، كما أخذ موسى من بني إسرائيل اثني عشر نقيباً».
فقالوا: اختر من شئت.
فأشار جبرئيل (عليه السلام) إليهم. فقال: «هذا نقيب، وهذا نقيب» حتى اختار تسعة من الخزرج، وهم: أسعد بن زرارة، والبراء بن معرور، وعبد الله بن حزام وهو أبو جابر بن عبد الله، ورافع بن مالك، وسعد بن عبادة، والمنذر بن عمرو، وعبد الله بن رواحة، وسعد بن الربيع، وعبادة بن الصامت. وثلاثة من الأوس، وهم: أبو الهيثم ابن التيهان ـ وكان رجلا من اليمن حليفاً في بني عمرو بن عوف ـ وأسيد بن حضير، وسعد بن خيثمة. فلما اجتمعوا وبايعوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) صاح بهم إبليس: يامعشر قريش والعرب، هذا محمد والصباة من الأوس والخزرج على هذه العقبة يبايعونه على حربكم. فأسمع أهل منى، فهاجت قريش وأقبلوا بالسلاح، وسمع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) النداء فقال للأنصار: «تفرقوا».
فقالوا: يا رسول الله، إن أمرتنا أن نميل عليهم بأسيافنا فعلنا.
فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): «لم أؤمر بذلك، ولم يأذن الله لي في محاربتهم».
فقالوا: يا رسول الله، فتخرج معنا؟
قال: «أنتظر أمر الله».
فجاءت قريش على بكرة أبيها قد أخذوا السلاح، وخرج حمزة ومعه السيف فوقف على العقبة هو وعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، فلما نظروا إلى حمزة قالوا: ما هذا الذي اجتمعتم عليه؟
قال: ما اجتمعنا، وما هاهنا أحد، والله لا يجوز أحد هذه العقبة إلا ضربته بسيفي.
فرجعوا وغدوا إلى عبد الله بن أبي وقالوا له: قد بلغنا أن قومك بايعوا محمداً على حربنا؟، فحلف لهم عبد الله أنهم لم يفعلوا ولا علم له بذلك، وأنهم لم يطلعوه على أمرهم، فصدقوه. وتفرقت الأنصار ورجع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلى مكة[5].
هاتان البيعتان فتحتا صفحة جديدة للمسلمين، لنشر الدين الإسلامي في المعمورة، بعد أن كسروا الطوق الذي فرضه جبابرة قريش عليهم، وذلك بفعل إيمانهم وصبرهم وجهادهم وثقتهم بالله سبحانه وتعالى، وعلى رأس كل هذه الأشياء والمقومات تقف قيادة الرسول (صلّى الله عليه وآله) الحكيمة، والتي تستند على بعد النظر، ودراسة الأحداث التي تدور في فلك قريش وما يدور حولها، دراسة موضوعية وافية، ووضع البدائل المناسبة للأزمات والمعضلات التي تواجه الإسلام.
مؤامرة قتل الرسول (صلّى الله عليه وآله)
بعد أن فشلت جميع خطط قريش للقضاء على الإسلام، أو الحد من انتشاره، وخصوصاً بعد الهجرة الثانية التي قام بها المسلمون إلى المدينة المنورة أحسوا بالخطر الداهم الذي سوف يعصف بهم، ولكن ما يخفف عنهم هذه الوطأة وجود النبي (صلّى الله عليه وآله) بينهم، ففكروا كثيراً بعقولهم الناقصة، وسرح بهم خيالهم المبني على الأطماع والتكبر، فتصوروا أنهم لو قضوا على النبي (صلّى الله عليه وآله) لانتهى كل شيء، ولقضي على دعوته ناسين أو متناسين أن عملهم العدائي الذي تكرر مراراً منذ اليوم الأول لظهور الإسلام لم يثمر ولم يحقق أي إنتاج يضعف الرسالة، بفضل عناية الله ولطفه، وحنكة نبيه (صلّى الله عليه وآله).
ورد في بعض التفاسير أن قوله تعالى: ((وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ))[6]، نزل في قصة دار الندوة[7].
وذلك أن نفراً من قريش اجتمعوا فيها، وهي دار قصي بن كلاب، وتآمروا في أمر النبي (صلّى الله عليه وآله)، فقال عروة بن هشام: نتربص به ريب المنون، وقال أبو البختري: أخرجوه عنكم تستريحوا من أذاه، وقال أبو جهل: ما هذا برأي، ولكن اقتلوه، بأن يجتمع عليه من كل بطن رجل فيضربوه بأسيافهم ضربة رجل واحد، فيرضى حينئذ بنو هاشم بالدية، فصوّب إبليس هذا الرأي، وكان قد جاءهم في صورة شيخ كبير من أهل نجد، وخطّأ الأولين. فاتفقوا على هذا الرأي، وأعدوا الرجال والسلاح، وجاء جبرائيل (عليه السلام) فأخبر رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فخرج إلى الغار، وأمر علياً (عليه السلام) فبات على فراشه، فلما أصبحوا وفتشوا الفراش وجدوا علياً (عليه السلام). وقد رد الله مكرهم، فقالوا: أين محمد؟ فقال: لا أدري، فاقتصوا أثره، وأرسلوا في طلبه، فلما بلغوا الجبل، ومروا بالغار رأوا على بابه نسج العنكبوت.
فقالوا: لو كان هاهنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه، فمكث فيه ثلاثاً ثم قدم المدينة[8].

المدينة المنورة والهجرة
ينقل لنا التاريخ بأن المدينة على الرغم من توفر شيء من النضج الفكري فيها، وما يلازم ذلك عادة من المرونة العقيدية، مضافاً إلى بعض الإيجابيات الأخرى إلا أنه كانت توجد فيها مقابل ذلك بعض السلبيات أيضاً، مثل: الصراعات الدموية الطويلة القائمة بين أهم قبيلتين فيها وهما قبيلتي (الأوس) و (الخزرج)[9] وكذلك بعض العادات الجاهلية المتفشية في تفكير الغالبية من أهالي المدينة مثل التعصب والثأر بأسلوبه الجاهلي، وتفشي الربا إذ كان اليهود في ذلك الوقت يمسكون بعصب الحياة في المدينة عن طريق المال والخداع، حيث كانوا يستغلون الأهالي، وينشرون الربا والفساد.. وكل واحد من هذه السلبيات كان كفيلاً بالقضاء على الأفكار والتيارات الجديدة التي تدخل المدينة، فكيف إذا كانت هذه السلبيات مجتمعة؟ ولكن على الرغم من ذلك كله، استطاع الإسلام أن يشق طريقه ويزرع بذرته الأولى في المدينة، ولكن هذه البذرة الطيبة كانت تحتاج إلى عناية كبيرة لكي تصبح شجرة وتعطي ثمارها.
وعلى هذا الأساس كان عمل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في تلك الفترة يتمثل بمرحلتين:
المرحلة الأولى: مرحلة التثبيت والبناء.
المرحلة الثانية: مرحلة الانتشار.
مرحلة التثبيت والبناء
بدأت هذه المرحلة منذ اللحظات الأولى لقدوم النبي (صلّى الله عليه وآله) المدينة، وشملت مجموعة من المشاريع والأعمال من أهمها:
أولاً: بناء المسجد.
من أهم ما قام به رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في بداية دخوله للمدينة المنورة هو بناء المسجد؛ وذلك لحاجة الناس في ذلك الوقت إلى مركز يجتمعون فيه لأداء الصلوات وتبادل الآراء، وإعداد الخطط، وتعليم وتعلّم القرآن، وكذلك حل الخصومات والمشاكل، وغيرها من الأعمال، ولهذا أمر (صلّى الله عليه وآله) ببنائه وتشييده، فأصبح ذلك المسجد كالجامعة في مفهوم اليوم، بل أعظم وأشمل منها فالجامعة اليوم تحتوي على مجموعة من الكليات والأقسام فكذلك المسجد كان يحتوي على كثير من الأقسام والفروع، جهة للقضاء وأخرى للاجتماعات، وثالثة لتعليم القرآن، وهكذا.
ثانياً: المؤاخاة بين المسلمين.
لقد كانت هذه الخطوة ضرورية؛ كأحد أسباب العلاج للنعرات والعداوات والضغائن التي ألمعنا إليها آنفاً، لاسيما فيما بين الأوس والخزرج، أضف إلى ذلك الأزمات المتجددة التي خلقتها قوافل المهاجرين اللاجئين الذين كانوا بأمس الحاجة إلى المسكن والمأكل، وغيرها من الأمور. ومن هنا كان نداء الرسول (صلّى الله عليه وآله): «تآخوا في الله.. »[10].
روي عن ابن عباس ـ وغيره ـ قال: لما نزل قوله تعالى ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ اخْوَةٌ))[11] آخى رسول الله بين الأشكال والأمثال، فآخى بين أبي بكر وعمر، وبين عثمان وعبد الرحمن، وبين سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد، وبين طلحة والزبير، وبين أبي عبيدة وسعد بن معاذ، وبين مصعب بن عمير وأبي أيوب الأنصاري، وبين أبي ذر وابن مسعود، وبين سلمان وحذيفة، وبين حمزة وزيد بن حارثة، وبين أبي الدرداء وبلال، وبين جعفر الطيار ومعاذ بن جبل، وبين المقداد وعمار، وبين عايشة وحفصة، وبين زينب بنت جحش وميمونة، وبين أم سلمة وصفية، حتى آخى بين أصحابه بأجمعهم على قدر منازلهم، ثم قال (صلّى الله عليه وآله): «أنت أخي وأنا أخوك يا علي».[12]
ولقد كانت هذه الخطوة أعظم أساس قامت عليه الأمة الإسلامية، وأحسن دواء أزيل به ما تبقى في النفوس من ضغينة وعداوة، وفي نفس الوقت كانت مفتاحاً لحل الأزمات الأخرى.
ثالثاً: الصحيفة.
الصحيفة[13] عبارة عن نظام تدار بواسطته الأمور العامة للمسلمين وغيرهم ممن جاورهم، فالمجتمع المدني في ذلك الوقت كان خليطاً من القبائل العربية وغير العربية، وكذلك كانت تتعايش معه مجموعة من الديانات اليهودية والمسيحية..، وإن مجتمعاً كهذا لهو بحاجة إلى نظام يدير شؤون الناس، فأوجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الصحيفة.
فقد روي عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليهما السلام) قال: «قرأت في كتاب لعلي (عليه السلام) أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كتب كتابا بين المهاجرين والأنصار ومن لحق بهم من أهل يثرب: أن كل غازية غزت بما يعقِّب بعضها بعضا بالمعروف والقسط بين المسلمين، فإنه لا يجوز حرب إلا بإذن أهلها، وإن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم، وحرمة الجار على الجار كحرمة أمه وأبيه، لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على عدل وسواء»[14].
في بادئ الأمر أراد اليهود استمالة الرسول (صلّى الله عليه وآله) إلى جانبهم، بمعنى آخر: حاولوا ضم النبي (صلّى الله عليه وآله) تحت السيادة اليهودية بزعمهم، وذلك نظراً للنفوذ الاقتصادي القوي الذي كان اليهود يتمتعون به، ولكن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بعمله هذا ـ إعلان الصحيفة ـ جعل اليهود وغيرهم من الأقليات تحت السيادة الإسلامية، وبعد أن وفر لهم الحماية أعطاهم كامل الحرية الدينية، سواء أرادوا البقاء على عقيدتهم، أم الدخول في الإسلام.
وهكذا استطاع (صلّى الله عليه وآله) أن يبني مجتمعاً متماسكاً تسوده المحبّة والأمان، وزرع لدى الإنسان المسلم شخصية فريدة من نوعها بين المجتمعات الأخرى.
وبالإضافة إلى كل هذه الأعمال، ركز (صلّى الله عليه وآله) على سد الثغرات، وتحصين المدينة المنورة بوجه الأعداء، وكذلك حث المسلمين على التدريب على الرماية وصناعة السيوف والرماح والدروع.. استعداداً للدفاع في قبال مخطط المشركين لمحاربة المسلمين والقضاء عليهم.

مرحلة نشر الدين الإسلامي
بعد أن اطمأن الرسول (صلّى الله عليه وآله) إلى الحالة العامة التي وصل إليها المسلمون من إيمان وتقوى واستعداد دائم للجهاد في سبيل الله وما إلى ذلك، شرع في المرحلة الثانية من مهمته، وهي نشر الدين الإسلامي في أرجاء المعمورة، وهذه المرحلة هي هدف الرسالة. فالإسلام لا يقتصر على أهل المدينة فقط، أو أهل الطائف فقط، وإنما هو دين البشرية جمعاء، وأن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) هو مرسل إلى الناس كافة لينقذهم من الظلمات إلى النور.
[1] بحار الأنوار: ج19 ص24 ب5 ضمن ح11.
[2] المصدر السابق.
[3] بحار الأنوار: ج19 ص24 ب5 ضمن ح11.
[4] وفي نسخة (ولينسل) انظر بحار الأنوار: ج19 ص47 ب6 ضمن ح8..
[5] انظر إعلام الورى بأعلام الهدى: ص59- 61 ب3 ف7.
[6] سورة الأنفال: 30.
[7] دار الندوة بمكة، أحدثها قصي بن كلاب بن مرة لما تملك مكة، وهي دار كانوا يجتمعون فيها للمشاورة، وجعلها بعد وفاته لابنه عبد الدار بن قصي، ولفظه مأخوذ من لفظ الندي والنادي والمنتدى، وهو مجلس القوم الذين يندون حوله، أي: يذهبون قريبا منه ثم يرجعون، صارت هذه الدار إلى حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي، فباعها من معاوية بمائة ألف درهم، فلامه معاوية على ذلك وقال: بعت مكرمة آبائك وشرفهم؟!، فقال حكيم: ذهبت المكارم إلا التقوى، والله لقد اشتريتها في الجاهلية بزق خمر وقد بعتها بمائة ألف درهم وأشهدكم أن ثمنها في سبيل الله تعالى، فأينا المغبون؟ وقيل: دار الندوة أول دار بنت قريش بمكة وانتقلت بعد موت قصي إلى ولده الأكبر عبد الدار، ثم لم تزل في أيدي بنيه حتى باعها عكرمة بن عامر ابن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار من معاوية بن أبي سفيان فجعلها دار الإمارة. انظر معجم البلدان: ج2 ص423 دار الندوة.
[8] مجمع البيان: ج4 ص458 سورة الأنفال.
[9] وقد عرفت لحروبهم أيام مشهودة من أشهرها: يوم الصفينة، وهو أول يوم جرت الحرب فيه، ويوم السرارة، ويوم وفاق بني خطمة، ويوم حاطب بن قيس، ويوم حضير الكتائب، ويوم أطم بني سالم، ويوم أبتروة، ويوم البقيع، ويوم مضرس ومعبس، ويوم الدار، ويوم بعاث الاخر، ويوم فجار الأنصار. وكانوا ينتقلون في هذه المواضع التي تعرف أيامهم بها ويقتتلون قتالاً شديداً. انظر موسوعة العتبات المقدسة، لجعفر الخليلي: ص45.
[10] انظر الغدير: ج3 ص116، وفيه: قال محمد بن إسحاق: وآخى رسول الله بين أصحابه من المهاجرين والأنصار، فقال فيما بلغنا ونعوذ بالله أن نقول عليه ما لم يقل: «تآخوا في الله أخوين أخوين». ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فقال: «هذا أخي». فكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) سيد المرسلين وإمام المتقين ورسول رب العالمين الذي ليس له خطير ولا نظير من العباد وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) أخوين.
[11] سورة الحجرات: 10.
[12] المناقب: ج2 ص185 فصل في الأخوة.
[13] نظراَ لأهمية هذه الوثيقة التاريخية وتوخياً للفائدة نورد نصها هنا، ليتسنى لنا الاطلاع ـ ولو بجزء بسيط ـ على الحنكة السياسية والقدرة الإدارية العظيمة التي كان عليها الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) وعلى الأخص في مراحل بناء اللبنات الأولى لهذا الدين العظيم، وقد تضمنت الصحيفة ما يلي:
« بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد النبي (صلّى الله عليه وآله) بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب، ومن تبعهم فلحق بهم، وجاهد معهم، إنهم أمة واحدة من دون الناس، المهاجرون من قريش على ربعتهم، يتعاقلون بينهم وهم يَفْدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو عوف على رِبْعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو الحارث على رِبْعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو ساعدة على ربْعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو جشم على رِبعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو النجار على رِبعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو عمرو بن عوف على رِبعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو النبيّت على رِبعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وبنو الأوس على رِبْعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولى، وكل طائفة منهم تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، وإن المؤمنين لا يتركون مُفْرَحاً ـ المفرح المثقل بالدين ـ بينهم أن يُعطوه بالمعروف في فداء أو عَقْل.
وأن لا يحالف مؤمن مولى مؤمن دونه، وإن المؤمنين المتقين على من بغى منهم، أو ابتغى دسيعة ظلم، أو إثم، أو عِدوان، أو فساد بين المؤمنين، وإن أيديهم عليه جميعاً، ولو كان ولدَ أحدهم، ولا يَقْتل مؤمنٌ مؤمناً في كافر، ولا ينصر كافراً على مؤمن، وإن ذمة الله واحدة، يُجير عليهم أدناهم، وإن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس؛ وإنه من تبعنا من يهود، فإنه له النصر والأسوة، غير مظلومين ولا متناصر عليهم؛ وإن سِلْم المؤمنين واحدة، لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله، إلا على سواء وعدل بينهم، وإن كل غازية غزت معنا يعقب بعضها بعضاً، وإن المؤمنين يبيء بعضهم على بعض بما نال دماءهم في سبيل الله، وإن المؤمنين المتقين على أحسن هَدْي وأقومه، وإنه لا يجبر مشرك مالاً لقريش ولا نفساً، ولا يحول دونه على مؤمن؛ وإنه مَنْ اعتبط مؤمناً قتلاً عن بيّنة، فإنه قودٌ به إلا أن يرضى وليُّ المقتول، وإن المؤمنين عليه كافة، ولا يحل لهم إلا قيامٌ عليه.
وإنه لا يحل لمؤمن أقر بما في هذه الصحيفة، وآمن بالله واليوم الآخر، أن ينصر مُحْدِثاً ولا يؤويه؛ وإنه من نصره أو آواه، فإن عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة، ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل، وإنكم مهما اختلفتم فيه من شيء، فإنه مردَّه إلى الله عزّ وجلّ، وإلى محمد (صلّى الله عليه وآله)، وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم، إلا من ظلم وأثم، فإنه لا يوتغَ إلا نفسه، وأهل بيته، وإن ليهود بني النجّار مثل ما ليهود بني عوف، وإن ليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف، وإن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف، وإن ليهود بني جشم مثل ما ليهود بني عوف، إلا من ظلم وأثم، فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته، وإن جفنة بطنٍ من ثعلبة كأنفسهم، وإن لبني الشُطيبة مثل ما ليهود بني عوف، وإن البر دون الإثم، وإن موالي ثعلبة كأنفسهم، وإن بطانة يهود كأنفسهم، وإنه لا يخرج منهم أحد إلا بإذن محمد (صلّى الله عليه وآله)، وإنه لاينحجز على ثأر جُرْح، وأنه من فتك فبنفسه )) فتك ((، وأهل بيته، إلا من ظلم، وإن الله على أبرّ هذا، وإن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصح والنصيحة، والبر دون الإثم؛ وأنه لم يأثم امرؤ بحليفه، وإن النصر للمظلوم، وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وإن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة، وإن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم، وإنه لا تجار حرمة إلا بإذن أهلها، وإن ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حَدَثٍ أو اشتجار يخاف فساده، فإن مردَّه إلى الله عزّ وجلّ، وإلى محمد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وإن الله على أتقى ما في هذه الصحيفة وأبرّه، وإنه لا تُجار قريش ولا من نصرها، وإن بينهم النصر على من دهم يثرب، وإذا دُعوا إلى صلح يصالحونه ويلبسونه فإنهم يصالحونه ويلبسونه، وإنهم إذا دعوا إلى مثل ذلك فإنه لهم على المؤمنين، إلا من حارب في الدين، على كل أُناس حصتهم من جانبهم الذي قِبلَهم، وإن يهود الأوس مواليهم وأنفسهم، على مثل ما لأهل هذه الصحيفة مع البر المحض من أهل هذه الصحيفة، وإن البر دون الإثم، لا يكسب كاسبٌ إلا على نفسه، وإن الله على أصدق ما في هذه الصحيفة وأبره.
وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم، وإن من خرج آمنٌ ومن قعد آمنٌ بالمدينة، إلا من ظلم وأثم، وإن الله جارٌ لمن برّ وأتقى ومحمد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ». انظر سيرة ابن هشام: ج2 ص348، وانظر كتاب (أول حكومة إسلامية في المدينة المنورة) للإمام الراحل (أعلى الله درجاته)، ط مركز الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) للتحقيق والنشر.
[14] الكافي: ج5 ص31 باب إعطاء الأمان ح5.

خليجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.