يمثل الرمز في الأدب الحديث أهمية كبرى قد لا تقل عن الخيال المحلق ، ويجب التفريق بين الرمز كأداة لتوصيل الفكرة بمعنى واسع وبين الأساطير كفكرة للنص ، فتوظيف الرمز في النص الأدبي التوظيف المناسب يعطي النص بعداً أرحب وحركة فاعلة في كلماته ودلالاته ، يجتاز الحاضر إلى الماضي في تناسق وتناغم بديع متى ما أحُسن اختيار الرمز المعبر عن الفكرة التي يطرحها النص ، ويحفل تاريخنا الإسلامي على عدد هائل من المواقف والشخصيات والمعارك والمدن والأمكنة الذي يشكل كل واحد منها رمزا أدبيا ذا دلالة لا تقل روعة عن التطبيقات البلاغية الأخرى .
ولننظر مثلا إلى أعظم شخصية عرفها التاريخ البشري خير ولد آدم أجمعين محمد – صلى الله عليه وسلم – و لننظر إلى الجيل الفريد جيل الصحابة رضوان الله عليهم – ومن بعدهم من التابعين والعلماء والقادة العظام ألا يمثلون لنا هؤلاء رموزاً حية دفاقة بالعطاء تثري أعمالنا ونحاول بث أنفاسهم في إنتاجنا الأدبي ، ولننظر إلى الغار غار حراء أو غار ثور – ألا يمكن أن يمثل لنا رمزاً فياضاً بالعديد من المواقف والأحداث والصور المعبرة ، وهناك الهجرة النبوية تلك النقلة المباركة العظيمة ، وهناك المعارك الإسلامية الخالدة – بدر ، أحد ، الخندق ، خيبر ، اليرموك ، حطين ، عين جالوت ، وغيرها الكثير – ألا تصلح كل مفردة منها لتمثل رمزاً أدبياً له جذوره ومدلوله في تاريخنا ومسيرتنا ، بل وعقيدتنا .
فما هو الهدف من حشر الرموز الوثنية و الإغريقية والصليبية واليهودية في أدبنا الحديث ، وما هو الهدف من مليء إنتاجنا الأدبي برموز – الصليب ، المسيح ، الهيكل ، أوديب ، أيديت ، الإبن ، الروح القدس ، ….إلى آخر القائمة –؟!
هذه الرموز البعيدة كل البعد عن ثقافتنا وحضارتنا الإسلامية والمصادمة لعقيدتنا وتاريخنا ، أليس الهدف هم تغريب فكر وأدب الأمة ، وزعزعة عقيدتها ومحاولة لمحو وتناسي تاريخها ، وبث معاني كفرية إلحادية في وجدانها – أدرك ذلك أصحاب هذه الهجمة أو لم يدركوا –
و إني أدعو كل أديب مسلم أن يستلهم رموزه من عقيدتنا تاريخنا الإسلامي الحافل يبث أنفاسه في إنتاجه ليضفي على النص حركة وفاعلية ، لا التباكي عليها ، فلا يقف أمام الرموز التغريبية الوثنية الجامدة إلا رموزاً حية متفاعلة ما بين الماضي والحاضر إذ لا يفل الحديد إلا الحديد ."سلطان الفجر"