المــــــقدمة :
تعتبر الإنهيارات الأرضية من الظواهر الطبيعية الفريدة التي استرعت انتباه الإنسان منذ القدم وهي التي تحدث بعد حدوث الزلازل والبراكين ، و هي تلعب دورا عظيما في العمليات الجيولوجية التي تؤثر على تاريخ تطور القشرة الأرضية وتشكلها .
الموضوع :
أولا : تعريف الإنهيار الأرضي :
الانهيار الأرضي هو عبارة عن تحرك للصخر والتربة إلى اسفل منحدر. يختلف حجم الانهيارات الأرضية ابتداء من سقوط صخرة كبيرة واحدة، وحتى تساقط الكتل الجليدية الكبيرة، ومعها عدد كبير من الكتل الصخرية والتربة والتي يمكن أن تمتد إلى مسافة تصل إلى عدة كيلومترات.
تحصل الانهيارات الأرضية بسبب الأمطار الغزيرة أو الفيضانات أو الزلازل. وكذلك فإن الأعمال البشرية، مثل إزالة الأشجار والخضرة، والحفر العميق على جوانب الطريق، أو تسريب أنابيب المياه، كلها قد تتسبب بالانهيارات الأرضية
ثانيا :أسباب تكوين الإنهيارات الأرضية :
1- التراكيب الجيولوجية (صدوع والفواصل والشقوق):
ان مناطق الانزلاقات الارضية في الجمهورية اليمنية تأثرت صخورها النارية والمتحولة والرسوبية بالعديد من الصدوع والشقوق والفواصل عند تكوينها بالاضافةالى الحركات التكتونية القديمة والمصاحبة لانفتاح البحر الاحمر وخليج عدن التي ادت الى رفع وخفض بعض القطاعات الجيولوجية في تلك المناطق حيث ان بعض الصدوع والشقوق والفواصل العديدة تأخذ اتجاهات مختلفة مما جعلها غير مستقرة جيولوجياً وجعلها شديدة الانحدار مما سهل عملية التعرية الطبيعية التي تساعد على حدوث الانهيار وتساقط الكتل الصخرية.
وهذه الاحداث التكتونية جعلت تلك المناطق غير مستقرة جيولوجياً كونها تقع على ملتقى حواف الصدوع ، وهذه الصدوع نشطة اي مازلت في وضع غير مستقر نتيجة وجود بعض الشقوق السطحية فيها والتي تظهر بين الحين والاخر في بعض المناطق وتأخذ نفس اتجاه الصدوع التي تتواجد فيها وهذه تساعد على حدوث الانهيار الارضي كون المباني السكنية بنية على حواف وملتقى هذه الصدوع بالاضافة الى جرف المدرجات الزراعية. كما ان عوامل التعرية القديمة والحديثة في تلك المناطق ادت الى تهشم وتفتت وتحلل بعض اجزاء الصخور الى اطيان على امتداد واسع حيث تنكشف هذه الصخور الطينية في اماكن عدة ومن ضمنها مناطق الانهيار الارضي التي يصل سمك الطبقات الطينية فيها الى اكثر من 3 متر. وهذه الصخور الطينية تلعب دوراً اساسياً في عملية الانهيار الارضي ، والبعض منها تنكشف على هيئة عدسات اذ يتراوح سمكها في بعض الأماكن إلى أكثر 30 سم.
-الميل و الإنحدار :
نجد ان معظم مناطق الانهيارت والانزلاقات الارضية في اليمن تمتاز بانحدارات شديدة تؤدي الى عدم استقرار الكتل الصخرية والتربة الواقعة عليه ، وكلما زاد الميل اختل الثبات والاستقرار وبدأ الانهيار بالحركة نحو الاسفل او يبقى في وضع غير مستقر ، والميل مظهر طبيعي لتركيب جيولوجي اولي او ثانوي. وينهار المنحدر الذي يتمتع بزاوية ميل اكبر من زاوية توازن القوى المؤثرة فية ، حيث زاوية الميل قد تصل في بعض المناطق الى اكثر من º85 درجة شكل (1) ، وبالتالي تصبح هذه المناطق عرضة لتساقط الكتل الايلة للسقوط وزحف التربة نحو الاسفل تحت تأثير الجاذبية الارضية الطبيعية وبعض العوامل الاخرى. وهذه الانحدارات الشديدة ناتجة عن الحركات التكتونية العنيفة والصدوع التي حدثت في العصور الجيولوجية الغابرة بالاضافة الى عوامل التعرية اللاحقة التي ادت الى تكوين انحدارات شديدة الانحدار والى تشققها وخلخلتها وانهيارها بفعل اضعاف قوى الترابط فيما بينها. والانحدارات تعتبر من اهم الاسباب الرئيسية التي تؤدي الى انزلاق الكتل الصخرية وزحف التربة وجعل المنطقة غير مستقرة جيولوجياً.
3_ تأثير الجاذبية الأرضية :
ان الجاذبية الارضية تلعب دوراً كبيراً في عملية الانهيارات والانزلاقات الصخرية وزحف التربة المفككة والركام الصخري على المنحدرات والتي تؤدي الى تدمير المدرجات الزراعية والمباني السكنية والبنية التحية. وقوة الجاذبية الارضية تزداد بزيادة مقداري الكتلة ودرجة الميل ، اي تتناسب تناسبا طرديا مع مقدار الكتلة ودرجة الميل وتزداد ايضاً عندما تمتلي مسامات الصخور بالمياه اثناء تساقط الامطار. وكلما زادت درجة الميل كلما زادت هذه القوة وبهذا نجد ان ظواهر الانزلاقات الارضية وتساقط الكتل الصخرية وزحف التربة تزداد في المنحدرات الجبلية الشديدة الانحدار عنها في المناطق ذات الانحدارات المتوسطة وتكون قليلة في السهول التي درجة انحدارها صغيرة. حيث ان مناطق الانهيارات والانزلاقات الارضية وزحف التربة في الجمهورية اليمنية تتمييز بانحدرات شديدة تصل في بعض الاماكن الى اكثر من 85º درجة شكل (1) ، ويوجد فيها كتل صخرية معلقة ومتشققة على ارتفاعات مختلفة نتيجة الحركات التكتونية القديمة وعوامل التعرية المختلفة حيث ترسب عليها الرواسب الحديثة المتكونة بعوامل التعرية مما شكل كتل غير مستقرة تراكمت على المنحدرات الشديدة الانحدار والكتل المعلقة على ارتفاعات متباينة مما جعلها تكون قوى ضغط رأسي ومائل إلى أسفل تحت تأثير وزنها فتعمل الجاذبية الأرضية على شد تلك المواد إلى أسفل وانهيارها. كما أن وجود العديد من الشقوق والفواصل في الكتل الصخرية المعلقة تساعد الجاذبية الأرضية على جذبها إلى أسفل نتيجة لثقلها وامتلاء مسامات هذه الكتل بالمياه أثناء تساقط الأمطار وضعف قوى التماسك بين حبيباتها. وان عدم الاستقرار هنا ناتج عن تأثير التجوية والتعرية التي تقلل من مقاومة ا سطح المنحدرات الصخرية وتسهل عملية انزلاق الصخور غير المتماسكة او زحف التربة الى اسفل المنحدرات بواسطة قوة جذب الارض لها. او بمعنى اخر يحدث الانهيار نتيجة لزيادة القوى المسببة للانهيار عن القوى المعاكسة لها والاولى سببها قوة الجاذبية والثانية مقاومة ناتجة عن قوة التماسك والاحتكاك بين الحبيبات. ويحدث هذا الانزلاق عادة عند نقاط الضعف الموجودة مثل الشقوق الناتجة عن اجهادات الشد.
4- الزلازل :
الزلازل او الهزات الارضية هي احدى الظواهر الطبيعية التي تصيب بقاعاً عديدة من الارض بصورة دورية ومنتظمة تقريباً وتصيب مواقع اخرى بصورة مفاجئة مسببة في كلا الحالتين الكوارث والدمار اذا كانت شدتها كبيرة ، واذا صادفت ووقعت بؤرتها تحت مناطق مأهولة بالسكان. او بمعنى اخر هي ارتعاش وتحرك وتموج عنيف لسطح الارض يعقب ذلك تحرر الطاقة من الغلاف الصخري وهذه الطاقة تتولد نتيجة لازاحة عمودية او افقية بين صخور الارض عبر الصدوع التي تحدث لتعرضها المستمر للتقلصات والضغوط الكبيرة. فالزلازل الارضية تولد امواجا طولية وامواجا عرضية والتي تتراكب فيما بينها بالقرب من القشرة الارضية فتزداد سعتها مما يولد قوى تزعزع استقرار الصخور على المنحدرات فتؤدي الى حصول الانهيارات الارضية او الى انزلاق المنحدرات. والهزات الارضية يصاحبها العديد من الشقوق والانهيارات الارضية وتساقط الكيل الصخرية او يهيئها لحدوثها وانطلاقها نحو الاسفل بكتل متفاوتة الحجم والشكل والوزن تنطلق من المرتعفات والسفوح بفعل القوى الرأسية والافقية للموجات الزلزالية في مناطق البؤر السطحية للزلازل والمناطق المجاورة او في تلك المناطق التي تصلها الموجات الزلزالية المدمرة بحسب قوة الزلزال وحدة التضاريس وتأثير قوى الجاذبية الارضية وبعض العوامل الاخرى وان التأثير غير المباشر للموجات الزلزالية تؤدي الى خلخلة الكتل الصخرية والتربة الغير مستقرة مما يؤدي الى اضعاف مستويات الاسناد في الحواف والمنحدرات الجبلية ، كما لوحظ العديد من تلك الانهيارات الارضية بعد زلزال ذمار 1982 وزلزال العدين. والهزات الارضية التي تحدث بين الحين والاخر في كل من البحر الاحمر وخليج عدن وخليج تاجورا في جيبوتي وخاصة التي تبلغ قوتها 4.5 بمقياس ريختر نتيجة الاجهاادات للتوسع المحوري لكل من البحر الأحمر وخليج عدن لها تأثير مباشر أو غير مباشر على بعض المناطق بحكم ارتفاعها من ناحية وقربها من مصدر الهزات الأرضية أو إنها تقع ضمن الصد وع الموازية لانفتاح البحر الأحمر وخليج عدن من ناحية أخرى. وهنا يمكن القول إن الزلازل تعتبر كعامل محفز لحدوث الانهيارات والانزلاق الأرضية.
5- الأعمال الإنسانية :
ان العوامل البشرية او الصناعية لها تأثير كبير كونها تعتبر عوامل محفزة لحدوث الكوارث الطبيعية وعلى نطاق واسع في مختلف المناطق اليمنية على امتداد التوسع والنشاط العمراني والزراعي والصناعي المرتبط باستخدام الاراضي في المدن الرئيسية والثانوية وعلى مستوى الارياف. اما في الوقت الحاضر فان قلة رقعة الارض المنبسطة دفع الناس الى البناء على المنحدرات وعلى مجاري السيول وجوانب الوديان وازالة الغطاء النباتي بالاضافة الى شق الطرق التي تصل الى مواقع تلك المنشات بطرق عشوائية ، كما ان عمليات الحفر والتحجير للاطراف السفلية للمنحدرات باستخدام المتفجرات (الديناميت) من اجل استخراج الصخور والتربة لاغراض البناء ورصف الطرقات وبعض الاحتياجات الاخرى حيث ان جزء كبير من هذه الكتل الصخرية التي يتم ازالتها تكون معظمها جدران ساندة للركام الصخري والتربة اعلاه مما يؤدي الى عدم استقرار الصخور في تلك المناطق ، بالاضافة الى توسع الشقوق القديمة وتكون شقوق جديدة في اتجاهات مختلفة كما تؤدي الى خلخلة قوى الترابط بين الطبقات الصخرية في تلك المناطق وسقوطها نتيجة العوامل الطبيعية المحفزة لذلك.
ثالثا :التوصيات :
-نشر الوعي البيئي في اوساط المجتمع من خلال وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة من اجل توعية الناس بمخاطر الانهيارات الارضية والبناء العشوائي ومدى اهمية الرجوع الى جهات الاختصاص لتفادي اي اضرار وخسائر مادية وبشرية مما يؤدي الى صعوبة مواجهة الدولة لمثل هذه الكوارث نظرا لعدم توفر الامكانيات المناسبة لذلك.
– الرجوع الى جهة الاختصاص عند تنفيذ اي مشاريع انشائية من اجل عمل دراسات جيولوجية وتكتونية وزلزالية بالاضافة الى دراسة ميكانيكية التربة والصخور للمواقع المراد استخدامها.
– تصميم وتنفيذ قنوات تصريف لمياه الامطار لمنعها من التغلغل ووصولها الى الكتل الصخرية الايلة للسقوط ، بحيث هذه القنوات تخترق الطبقات الطينية حتى الوصول الى السطح الصلب من اجل منع تشبع الطبقات الطينية بالمياه. وعدم استحداث اي تصريف عشوائي غير مدروس لمياه الامطار في مواقع الانهيار الارضي. بالاضافة الى رفع مخلفات الانهيار في بعض المجاري المائية التي تعمل حاليا على تغيير مسار اتجاه مياه الامطار.
– تفتيت وتكسير الكتل الصخرية المعلقة والتي تهدد المباني المتناثرة اسفل المنحدرات بطرق فنية حديثة من اجل عدم احداث اي اضرار في في تلك المناطق كونها مزدحمة بالسكان. اوعمل جدران وحواجز اسمنتية تمنع من تساقط الكتل الصخرية وتعبئة الشقوق والفواصل بالمواد الاسمنتية من اجل منع وصول مياه الامطار وتخللها فيها.
– عدم البناء على المنحدرات او على المساكن المتواجدة فيه كونه تشكل حمل اضافي على المنحدرات وعدم استحداث اي مباني او ا دوار اضافية على المباني التي تتواجد او تتناثر اعلى واسفل المنحدرات لما تشكل حمل اضافي على المنحدر.
– اخلاء المنازل التي تعرضت للشقوق نتيجة تساقط الكتل وتحسبا لسقوط مفاجيء للكتل الصخرية اعلاها التي سوف تؤدي الى تدمير المنازل والمدرجات الزراعية اسفل المنحدرات.
– عدم الاقتراب من اماكن تساقط الكتل الصخرية وبالذات خلال سقوط الامطار لان بعض مجاري مياه الامطار الاتية من قمم الجبال تمر عبر مناطق الانهيار ، حيث تعمل المياه على تعرية واذابة وجرف المواد الساندة لهذه الصخور.
– المراقبة المستمرة للشقوق والفواصل الموجودة في تلك المناطق وبالذات خلال موسم سقوط الامطار وذلك لمعرفة مدى اتساع هذه الشقوق وظهور شقوق جديدة.
– اعداد خرائط جيوبيئية يحدد عليها مواقع الانهيارات الارضية في الجمهورية اليمنية ومدى درجات خطورتها من اجل الاستفادة منها مستقبلاَ
الـخـاتمة :
نسأل الله أن يبعدنا عن شر الانهيارات الأرضية و ما تسببه من أضرار …
ونحمد ه لانه يجعلها في بلادنا ونسأله أن نستفيد منها لا نتضرر منها …
وأخيرا نرجو الله أن تكون قد التزمنا بجميع شروط التقرير.
المراجع :
• الموسوعة العربية العالمية
• بعض الكتب الخاصة
• شبكة العنكبوتية